للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أول من يقضى بينهم يوم القيامة]

فمن هذه الأمة من يدخل النار لأنه انحرف عن طريق النبي المختار، فاعرف لهذه النعمة قدرها، واعلم بأن الموحدين الصادقين المتبعين المتجردين هم أسعد الناس بشفاعة سيد المرسلين، وبرحمة رب العالمين جل وعلا.

من هو أول من يقضي الله بينهم يوم القيامة من هذه الأمة؟ هذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء والجواب في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول من يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد) أي: سقط شهيداً في ميدان القتال، في ساحة البطولة والوغى، في ميدان تصمت فيه الألسنة الطويلة، وتخطب فيه الرماح والسيوف على منابر الرقاب! (رجل استشهد فأتي به فَعَرَّفَهُ نعمه فعرفها، قال جل وعلا: فماذا عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، فيقول الله سبحانه: كذبت -إنك كذاب! إنك ما أردت بذلك وجه الله، بل أردت التلميع السياسي والإعلامي- بل قاتلت ليقال: هو جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار! ورجلٌ تَعَلَّمَ العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال له: كذبت! بل تعلمت وعلمت ليقال: هو عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار) اللهم سلم سلم! اللهم سلم سلم! عالم يا عباد الله ملأ المساجد علماً، وسود صفحات الجرائد والمجلات، عالم تعلم العلم وعلم الناس، ولكنه أراد الشهرة والسمعة، وأراد المنزلة والكرسي الزائل، والمنصب الفاني، أراد الوجاهة عند أولي الحكم والسلطان، ما ابتغى بعلمه وجه الرحمن جل وعلا (فأتي به، فعرفه الله نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت وعلمت، وقرأت فيك القرآن.

قال: كذبت! بل تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا، اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا، اللهم لا تجعل حظنا من ديننا قولنا، وأحسن نياتنا وأعمالنا، وأحسن لنا الخاتمة يا أرحم الراحمين! عالم تسعر به النار! وقارئ للقرآن تسعر به النار! أما الثالث: (رجل آتاه الله من أصناف المال -منّ الله عليه بالأموال- فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت باباً من أبواب الخير تحب أن ينفق فيه لك إلا وأنفقت فيها لك، قيل له: كذبت! بل تصدقت ليقال: جواد -ليقال: المحسن الكبير، ليقال: المنفق السخي الكريم الباذل- فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).

إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني فكم من زلة لي في البرايا وأنت علي ذو فضل ومنِّ يظن الناس بي خيراًً وإني لشر الناس إن لم تعف عني

<<  <  ج: ص:  >  >>