للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشفاعة في إخراج عصاة الموحدين من النار]

أما الشفاعة الثالثة فهي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عصاة الموحدين الذين دخلوا النار، وهذه الشفاعة أنكرها الخوارج والمعتزلة وقالوا: لا شفاعة في الموحدين الذين دخلوا النار، بل إنهم مخلدون، ونسوا قول الله جل وعلا: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:٣٥ - ٣٦] لا والله، لا يساوي الله بين المؤمن والمشرك على الإطلاق، وبين الكافر والموحد على الإطلاق.

إذاً: الشفاعة الثالثة هي: شفاعة الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم في عصاة الموحدين الذين دخلوا النار، وقالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، صلوا كما صلينا، وزكوا كما زكينا، وحجوا كما حججنا، وتصدقوا كما تصدقنا، ولكنهم أصروا على كبيرة من الكبائر وعلى معصية من المعاصي، وهم يعلمون أن الله شدد فيها العقوبة، ولكنهم أصروا على هذه المعصية؛ فأدخلهم الله النار بمعصيتهم، ولكن لهم شفاعة عند نبيهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم، والحديث في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما وغيرهما، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أذهب إلى ربي فأنطلق فأسجد تحت العرش -هذا جزء من آخر الحديث- إذا ما نظرت إلى ربي جل وعلا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم ينادى علي ويقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فأحمد الله بمحامد علمنيها، فأشفع فيشفعني ربي عز وجل، فأذهب إلى عصاة الموحدين في النار، فيحد الله لي حداً -أي: عدداً محدداً ومعيناً- فأذهب إلى النار فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود إلى ربي مرة ثانية، فأستأذن على ربي في دار كرامته، فيؤذن لي، فأسجد لربي إذا ما نظرت إليه، فيدعني ما يشاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فيحد الله لي حداً، فأذهب فأُخرج من النار من عصاة الموحدين ما شاء الله جل وعلا، ثم أعود مرة ثالثة فأستأذن على ربي في دار كرامته، فيؤذن لي، فإذا ما نظرت إلى ربي وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فيحد الله لي حداً، فأذهب فأُخرج من النار من عصاة الموحدين ما شاء الله جل وعلا، ثم أعود في المرة الرابعة، فأستأذن على ربي فيحد لي ربي حداً، فأُخرج من النار من عصاة الموحدين ما شاء الله جل وعلا).

وهذه الشفاعة أنكرها الخوارج والمعتزلة، وآمن بها أهل السنة والجماعة، وهذه هي الشفاعة الثالثة لحبيبنا ومصطفانا صلى الله عليه وسلم.

ويبقى بعد كل هذا الكرم، وبعد كل هذا الخير ثلاث شفاعات: الأولى: للملائكة، والثانية: لبقية الأنبياء، والثالثة: للمؤمنين، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>