للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما تنسك به الناسكون.

لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها، انقسم بحسب ذلك إلى ثلاثة أقسام: القلب الصحيح أو السليم، والقلب الميت، والقلب المريض.

[١ - القلب الصحيح:]

هو القلب السليم الذى لاينجو يوم القيامة إلا مَنْ أتى الله تعالى به، كما قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء: الآية: ٨٨ - ٨٩).

وقيل فى تعريفه: إنه القلب الذى سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عيودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله، فخلصت عبوديته لله تعالى، إرادة ومحبة، وتوكيلاً، وإنابة، وإخباتاً وخشية، ورجاء، وخلص عمله لله، فإن أحب أحب فى الله، وإن أبغض أبغض فى الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الإنقياد والتحكيم لكل مَنْ عدا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيعقد قلبه معه عقداً محكماً على الإتمام والإقتداء به وحده، دون كل أحد فى الأقوال والأعمال، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول، ولا عمل، قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الحجرات: ١).

[٢ - القلب الميت:]

وهو ضد القلب السليم، فهو لايعرف ربه، ولا يعبده بأمره، وما يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته، ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو لايبالى إذا فاز بشهوته وحظه رضى ربه أم سخط، فهو متعبد لغير الله، إن أحب أحب لهواه، وإن أبغض أبغض لهواه، وإن أعطى

<<  <   >  >>