للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفضول النظر يدعو إلى الاستحسان، ووقوع صور المنظور فى قلب الناظر، فيحدث أنواعاً من الفساد فى قلب العبد منها:

أن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غضّ بصره لله أورثه حلاوة يجدها فى قلبه إلى يوم يلقاه.

ومنها: دخول الشيطان مع النظرة، فإنه ينفذ معها أسرع من نفوذ الهواء فى المكان الخالى، ليزين صورة المنظور، ويجعلها صنماً يعكف عليه القلب ُ، ثم يعده ويمنيه، ويوقد على القلب نار الشهوات ويلقى حطب المعاصى التى لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة.

ومنها: أنه يشغل القلب، وينسيه مصالحه، ويحول بينه وبينها، فينفرط عليه أمره، ويقع فى اتباع الهوى والغفلة.

قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية: ٢٨)

وإطلاق البصر يوجب هذه الأمور الثلاثة:

وقال أطباء القلوب: بين العين والقلب منفذ وطريق، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد وصار كالمزبلة التى هى محل النجاسات والقاذورات والأوساخ، فلا يصلح لسكن معرفة الله ومحبته، والإنابة إليه، والأنس به، والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.

وإطلاق البصر معصية لله عز وجل لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (النور: الآية: ٣٠)

وما سعد من سعد فى الدنيا إلا بامتثال أمر الله، ولا نجاة للعبد فى الآخرة إلا بامتثال أوامر الله عز وجلَ.

وإطلاق البصر كذلك يُلبس القلب ظلمة، كما أن غضّ البصر لله عزّ

<<  <   >  >>