للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع قوله: {فَصَبْرٌجَمِيلٌ} (يوسف: من الآية ٨٣)

والنوع الثانى: شكوى المبتلى بلسان الحال أوالمقال، فهذه لاتجامع الصبر بل تضاده وتبطله.

وساحة العافية أوسع للعبد من ساحة الصبر، ولا يناقض هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: وما أعطا أحد عطاءاً خيراً وأوسع من الصبر "، فإن هذا بعد نزول البلاء فساحة الصبر أوسع الساحات، أما قبل نزوله فساحة العافية أوسع.

والنفس مطية العبد التى يسير عليها إلى الجنة أو النار، والصبر لها بمنزلة الخطام والزمام للمطية، فإن لم يكن للمطية خطام ولا زمام شردت فى كل مذهب، وحفظ من خطب الحجاج: " إقدعوا هذه النفوس فإنها طلعة إلى كل سوء، فرحم الله امرءاً جعل لنفسه خطاماً وزماماً فقادها بخاطمها إلى طاعة الله، وصرفها بزمامها عن معاصى الله، فإن الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه.

والنفس لها قوتان: قوة الإقدام وقوة الإحجام، .. فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكا عما يضره، ومن الناس من يصبر على قيام الليل ومشقة الصيام، ولا يصبر على نظرة محرمة، ومنهم من يصبر على النظر والإلتفات إلى الصور، ولا صبر له على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد.

وقيل: الصبر شجاعة النفس، ومن ها هنا أخذ القائل قوله: " الشجاعة صبر ساعة "، والصبر والجزع ضدان، كما أخبر سبحانه وتعالى عن أهل النار: {سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} (إبراهيم: من الآية ٢١)

<<  <   >  >>