للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نائمًا نوم الصبحة فقال له: قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق. انتهى من «زاد المعاد».

وروي أيضًا: تنسموا الصباح قبل أن تدنسه أنفاس العاصين.

الثالثة والثلاثون: حتى تكون دعوتك إلى اللَّه ذات ثمرة، فابدأ بنفسك أولاً، لأن اللَّه تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: ٥٩]. فأمر تعالى نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يبدأ بنسائه وبناته قبل نساء المؤمنين.

الرابعة والثلاثون: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: ١٨].

وكان يقال: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه خانك، وروي أن حسان بن سنان مر بغرفة فقال: متى بنيت هذه؟ ثم أقبل على نفسه فقال: تسألين عما لا يعنيك! لأعاقبنك بصوم سنة، فصامها. وقد روي أن من حاسب نفسه في الدنيا، خف في القيامة حسابه، وحسن منقلبه. ومن أهمل المحاسبة دامت حسراته.

جاء في «مختصر منهاج القاصدين»: فلينظر الإنسان في أربعة أنواع: الطاعات، والمعاصي، والصفات المهلكات، والصفات المنجيات، فلا تغفل عن نفسك ولا عن صفاتك المباعدة عن اللَّه تعالى والمقربة إليه، وينبغي على كل [مسلم] أن تكون له جريدة [ورقة] يثبت فيها جملة الصفات المهلكات والصفات المنجيات وجملة المعاصي والطاعات، ويعرض ذلك على نفسه كل يوم، ويكفيه من المهلكات النظر في عشرة، فإنه إن سلم منها سلم من غيرها وهي: البخل، والكبر، والعجب، والرياء، والحسد، وشدة الغضب، وشره الطعام، وشره الوقاع، وحب المال، وحب الجاه.

ومن المنجيات عشرة: الندم على الذنوب، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، واعتدال الخوف والرجاء، والزهد في الدنيا، والإخلاص في الأعمال، وحسن الخلق مع الخلق، وحب اللَّه تعالى، والخشوع. فهذه عشرون خصلة: عشرة مذمومة، وعشرة محمودة، فمتى كفي من المذمومات واحدة خط عليها في جريدته وترك الفكر فيها، وشكر اللَّه تعالى على كفايته إياها، وليعلم أن ذلك لا يتم إلا بتوفيق

<<  <   >  >>