للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ أَمْرِ اللَّهَِ} [الرعد: ١١] من أمر الله, قِيلَ: حِفْظُهُمْ لَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، أَيِ اللَّهُ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، يَشْهَدُ لِذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ.

ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ, وَكَذَلِكَ النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا فِعْلُ الْقَلْبِ، فَدَخَلَتْ فِي عُمُومِ {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الِانْفِطَارِ: ١٢]. وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً، وَإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا" ١. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَتِ الملائكة: ذاك عبد يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ، فَقَالَ: ارْقُبُوهُ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جرائي" ٢ خَرَّجَاهُمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ: "وَنُؤْمِنُ بِمَلَكِ الْمَوْتِ، الْمُوَكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ".

ش: قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [الم السَّجْدَةِ: ١١] , وَلَا تُعَارِضُ هَذِهِ الْآيَةُ قَوْلَهُ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: ٦١]، وقوله تعالى: {اللَّهُ


= النبي صلى الله عليه وسلم، أي: فأنا أسلم منه. ومن فتح رده إلى الفريق، أي: أسلم من الإسلام. وقد روى في غير هذه الأمهات: فاستسلم يريد بالأمهات: "الموطأ" و"الصحيحين"، التي بني عليها كتابه، وإن كان هذا الحديث لم يروه مالك ولا البخاري.
وقال النووي في شرح مسلم: "هما روايتان مشهورتان. واختلفوا في الأرجح منهما، فقال الخطابي: الصحيح المختار الرفع، ورجح القاضي عياض الفتح.
وأما الحافظ ابن حبان، فإنه روى الحديث في صحيحه "٢/ ٢٨٣، من المخطوطة المصورة"، وجزم برواية فتح الميم، وقال: "في هذا الخبر دليل على أن شيطان المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلم حتى لم يكن يأمره إلا بخير، لا أنه كان يسلم منه وإن كان كافرا". وهذا هو الصحيح الذي ترجحه الدلائل. وادعاء الشارح أن هذا تحريف للمعنى. "فإن الشيطان لا يكون مؤمنا". انتقال نظر. فأولا: أن اللفظ في الحديث: "قرينه من الجن" لم يقل: "شيطانه" وثانيا: إن الجن فيهم المؤمن والكافر, والشياطين هم كفارهم، فمن آمن منهم لم يسم شيطانا.
١ متفق عليه من أبي هريرة.
٢ متفق عليه من أبي هريرة.

<<  <   >  >>