للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبيث؟ ١ فيقولون: فلان ابن فُلَانٍ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الْأَعْرَافِ: ٤٠]، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ، فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الْحَجِّ: ٣١]، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ، فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: من أنت، فوجهك الوجه "الذي" يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ"٢. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَوَّلَهُ ورواه الحاكم وأبو عوانة الإسفرائيني فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَابْنُ حِبَّانَ.

وَذَهَبَ إِلَى مُوجَبِ هَذَا الْحَدِيثِ جَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنَ الصَّحِيحِ, فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا" ٣. قَالَ قَتَادَةُ: وَرُوِيَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وفي "الصحيحين" عن ابن


١ قال عفيفي: انظر المسألة الرابعة في الكلام على موت الروح "لابن القيم".
٢ صحيح، انظر "أحكام الجنائز" "ص١٥٦ - ١٥٩".
٣ "الصحيحة" "١٣٤٤".

<<  <   >  >>