للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقِيَامَةَ الْكُبْرَى هِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ، مِنْ آدَمَ إِلَى نُوحٍ، إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ حِينِ أُهْبِطَ آدَمُ، فَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: ٢٤]، {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الْأَعْرَافِ: ٢٥]. وَلَمَّا قَالَ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} [ص: ٧٩ - ٨١] , وَأَمَّا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [نُوحٍ: ١٧, ١٨] , وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشُّعَرَاءِ: ٨٢] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ. وَقَالَ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إِبْرَاهِيمَ: ٤١]. وَقَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: ٢٦٠] الآية، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَاجَاهُ: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: ١٥, ١٦] , بَلْ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ كَانَ يَعْلَمُ الْمَعَادَ، وَإِنَّمَا آمَنَ بِمُوسَى، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ: {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [غَافِرٍ: ٣٢, ٣٣]، إِلَى قَوْلِهِ تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غَافِرٍ: ٣٩]، إِلَى قَوْلِهِ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غَافِرٍ: ٤٦]. وَقَالَ مُوسَى: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الْأَعْرَافِ: ١٥٦]. وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ الْبَقَرَةِ: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الْبَقَرَةِ: ٧٣]. وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فِي آيَاتٍ [مِنَ] الْقُرْآنِ، وَأَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنَّهُمْ إِذَا قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزُّمَرِ: ٧١]. وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ الدَّاخِلِينَ جَهَنَّمَ أَنَّ الرُّسُلَ أَنْذَرَتْهُمْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا, فَجَمِيعُ الرُّسُلِ أَنْذَرُوا بِمَا أَنْذَرَ بِهِ خَاتَمُهُمْ، مِنْ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, فَعَامَّةُ سُوَرِ الْقُرْآنِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، يُذْكَرُ ذَلِكَ فِيهَا: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَأَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُقْسِمَ بِهِ

<<  <   >  >>