للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحليمي (١) رحمه اللّه: وقوله عز وجل: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (٢) إلى قوله: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ} و في سورة أخرى {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ. مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} (٣).

فإنما معناه إنه لقول رسول كريم، أي قول تلقاه، عن رسول كريم، أو قول سمعه، عن رسول كريم أو نزل به عليه رسول كريم، وقد قال في آية أخرى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (٤).

فاثبت أن القرآن كلامه ولا يجوز أن يكون كلامه و كلام جبريل معا فدل أن معناه ما قلنا.

قال البيهقي رحمه الله: والمقصود من تلك الآية تكذيب المشركين فيما كانوا يزعمون من وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القرآن ثم قد أخبر الله عز وجل أنه هو الذي نزل به الروح الأمن عليه السلام على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن جبريل نزل به من عنده وباللّه التوفيق.

وأما الوجه الثاني وهو الاعتراف بأنه معجز النظم فقد مضى الكلام فيه، والإعجاز عند أكثر أصحابنا يقع في قراءة القرآن فنظم حروفه ودلالاته في عين كلامه القديم، ولما كان الجن والإنس عاجزين عن الإتيان بمثله، والملائكة أيضا عاجزون عن الإتيان بمثله، لأنه في قول أكثر أهل العلم ليس من جنس نظوم كلام الناس ولا يهتدى إلى وجهه (ليحتذى) (٥) ويمثل وهو كزكيب الجواهر لتصير أجساما وقلب (٦) الأعيان إذ كما (٧) لا يقدر عليه الجن والإنس لا يقدر عليه الملائكة، وإنما وقع التحدي عليه للجن والإنس دون الملائكة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أرسل إلى الجن والإنس دون الملائكة وفي ذلك ما أبان أن نظم القرآن ليس من عند جبريل ولكنه من عند اللطيف الخبير وهذا معنى كلام (٨) الحليمي رحمه الله.


(١) راجع المنهاج (١/ ٣١٨).
(٢) سورة الحاقة (٦٩/ ٤٠ - ٤٢).
(٣) سورة التكوير (٨١/ ١٩ - ٢١).
(٤) سورة التوبة (٩/ ٦).
(٥) زيادة من "المنهاج".
(٦) وفي "المنهاج" "ولا على قلب الأعيان، ولا يقدرون عليه من ذلك".
(٧) في (ن) والمطبوعة "أو".
(٨) راجع "المنهاج" (١/ ٣١٩ - ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>