للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التوراة: "لا ينضج الجدي بلبن أمه"١.

وأما الترهات التي ألفها الحاخاميم -أعني الفقهاء- وسموها "هلكت شحيطا" -أعني علم الذباحة- وهي المسائل الفقهية التي رتبها الفقهاء، ونسبوها إلى الله عن موسى، فإن القرائين اطرحوها مع غيرها وألقوها. وصاروا لا يحرمون شيئا من الذبائح التي يتولون ذباحتها البتة. فهذا حال هذه الطائفة من اليهود، أعني القرائين.

ولهم أيضا فقهاء أصحاب تصانيف، إلا أنها لم يبالغوا في الكذب على الله إلى حد أن يدعوا النبوة، ولا نسبوا أشياء من تفاسيرهم إلى النبوة ولا إلى الله، بل إلى اجتهادهم٢.

- والفرقة الثانية يقال لهم: "الربانيون"، وهم أكثر عددا، وهم أكثر "الحاخاميم" الفقهاء المفترين على الله، الذي يزعمون أن الله كان


١ سبق تخريج هذا النص في بحث بطلان تأويلاتهم.
٢ القراءون أو العنانيون فرقة حديثة نشأها عنان بن داود أحد علماء اليهود في بغداد أواخر القرن الثامن الميلادي في عهد أبي جعفر المنصور. ويقوم مذهبها على التمسك بما جاء في كتاب الأسفار وحده، وعدم الاعتراف بأحكام التلمود وتعاليم الربانيين والحاخامات. لذا سموا بالقرائين. نسبة إلى كلمة "مقرا" بمعنى الكتاب أو المكتوب. وهي الكلمة التي كانت تطلق عند اليهود على أسفار العهد القديم. وهم يقولون بالاجتهاد وإمكان رد الخلف أحكام السلف في حال الخطأ. وقد ألغى عنان جميع التشريعات التي قررها الربانيون مستندين في تقريرها إلى أسفار التلمود، وأدخل على كثير من تشريعاتهم تعديلات استمدها من اجتهاده الخاص وفهمه لنصوص كتابهم. انظر: الأسفار المقدسة لعلي عبد الواحد ص٦١ وص٦٣، واليهودية لأحمد شلبي ص٢٣١.

<<  <   >  >>