قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّ من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإِنَّ صلاتكم معروضةٌ عليَّ" قال: فقالوا يارسول اللّه، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: يقولون بليت، قال: "إنَّ اللّه [عزَّ وجلَّ] حرم على الأرض أجساد الأنبياء صلى اللّه عليهم".
وقال الحافظ المنذري:
وأخرجه النسائي و بن ماجه وله علة وقد جمعت طرقه في جزء مفرد وذلك أن حسين بن علي الجعفي حدث به عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس 0 ومن نظر ظاهر الحديث هذا الإسناد لم يرتب في صحته لثقة رواته و شهرتهم وقبول الأئمة لحديثهم واحتجاجهم بها وحدث بهذا الحديث عن حسين الجعفي جماعة من النبلاء وعلته أن حسين بن علي الجعفي لم يسمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وإنما سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم لا يحتج به فلما حدث به حسين الجعفي غلط في اسم الجد فقال جابر , بين ذلك الحفاظ ونبهوا عليه
قال البخاري في التاريخ الكبير: عبد الرحمن يزيد بن تميم السلمي الشامي
عن مكحول سمع من الوليد بن مسلم عنده مناكير ويقال: هو الذي روي عنه أهل الكوفة أبو أسامة وحسين فقالوا: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر , وابن تميم أصح
وقال: عبد الرحمن بن أبي حاتم:سألت أبي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم؟ فقال عنده مناكير يقال هو الذي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي وقالا ابن يزيد بن جابر وغلطا في نسبه ويزيد بن تميم أصح وهوضعيف الحديث
وقال أبو بكر الخطيب: روي الكوفيون أحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ووهموا في ذلك والحمل عليهم في تلك الأحاديث
وقال موسي بن هرون الحافظ: روي أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وكان ذلك وهما منه رحمه الله هو لم يلقي عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وإنما لقي عبد الرحمن بن يزيد بن تميم فظن أنه ابن جابر وابن جابر ثقه وابن تميم ضعيف 0هذا آخر كلامه
وقد أشار غير واحد من الحفاظ إلي ما ذكره هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم0هذا آخر كلام المنذري
وقال الإمام بن القيم في تعليقه علي سنن أبو داود:
1531ـ حدثنا الْحَسَنُ بنُ عَلِيّ أخبرنا الْحُسَيْنُ بنُ عَلِيّ الْجُعْفِيّ عنْ عَبْدِالرّحْمَنِ بنِ يَزِيدَ بنِ جَابِرٍ عن أبي الأشْعَثِ الصّنْعَانِيّ عن أوْسِ بنِ أَوْسٍ قالَ قالَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ مِنْ أَفْضَلِ أَيّامِكُم يَوْمُ الْجُمُعَةِ فأَكْثِرُوا عَلَيّ مِنَ الصّلاَةِ فِيهِ، فإِنّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيّ. قالَ فَقَالُوا: يَارسولَ الله وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ قال يَقُولُونَ بَلِيتَ. قالَ: إِنّ الله حَرّمَ عَلَى اْلأَرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ" صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ شمس الدين بن القيم:
وقد غلط في هذا الحديث فريقان: فريق في لفظه، وفريق في تضعيفه، فأما الفريق الأول فقالوا: اللفظ به "أرمت" بفتح الراء وتشديد الميم وفتحها وفتح التاء، قالوا: وأصله: أرممت، أي صرت رميما، فنقلوا حركة الميم إلى الراء قبلها، ثم أدغموا إحدى الميمين في الأخرى، وأبقوا تاء الخطاب على حالها، فصار أرمت، وهذا غلط، إنما يجوز إدغام مثل هذا إذا لم يكن اخر الفعل ملتزم السكون، لاتصال ضمير المتكلم والمخاطب ونون النسوة به، كقولك: أرم، وأرما، وأرموا، وأما إذا اتصل به ضمير يوجب سكونه لم يجز الإدغام لإفضائه إلى التقاء الساكنين على غير أحدهما، أو إلى تحريك اخره، وقد اتصل به ما يوجب سكونه. ولهذا لا نقول "أمدت، وأمدت، وأمدن" في "أمددت وأمددت وأمددن" لما ذكر، وهؤلاء لما رأوا الفعل يدغم إذا لم يكن اخره ساكنا، نحو أرم ظنوا أنه كذلك في أرممت، وغفلوا عن الفرق. والصواب فيه: أرمت بوزن "ضربت" فحذفوا إحدى الميمين تخفيفا، وهي لغة فصيحة مشهورة جاء بها القران في قوله تعالى {ظلت عليه عاكفا} وقوله {فظلتم تفكهون} وأصله ظللت عليه وظللتم تفكهون، ونظائره كثيرة.
¥