تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا له، فإن وجد يوافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في هذا دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله تعالى.

وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثم يعتبر عليه: بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه، فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه.

ويكون إذا شرك أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه ووجد حديثه أنقص: كانت في هذا دلائل على صحة مخرج حديثه.

ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا منهم قبول مرسله،

قال: وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة ثبتت بها ثبوتها بالمتصل.

وذلك أن معنى المنقطع مغيب، يحتمل أن يكون حمل عمن يرغب عن الرواية عنه إذا سمي، وأن بعض المنقطعات - وإن وافقه مرسل مثله - فقد يحتمل أن يكون مخرجها واحدا من حيث لو سمي لم يقبل، وإن قول بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال برأيه لو وافقه - لم يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظر فيها، ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوافقه، ويحتمل مثل هذا فيمن وافقه من بعض الفقهاء.

قال الشافعي: فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم واحدا منهم يقبل مرسله؛ لأمور

أحدها: أنهم تجوزوا فيمن يروون عنه،

والآخر: أنهم تؤخذ عليهم الدلائل فيما أرسلوا لضعف مخرجه، والآخر: كثرة الإحالة في الأخبار، وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه "

الصارم المنكي ص: 143، وينظر: الرسالة للشافعي ص: 461 - 465.

3 - وضّح الحافظ ابن عبد الهادي خلاصة ما تضمنه كلام الشافعي، ثم ذكر اختياره في حكم المرسل والاحتجاج به، قال - رحمه الله -:

وقد تضمن - يعني كلام الشافعي - أمورا:

أحدهما: أن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحة المرسل.

الثاني: أنه إذا لم يسند من وجه آخر، نظر هل يوافقه مرسل آخر أم لا، فإن وافقه مرسل آخر قوي لكنه يكون أنقص درجة من المرسل الذي أسند من وجه آخر.

الثالث: أنه إذا لم يوافقه مرسل آخر ولا أسند من وجه، لكنه وجد عن بعض الصحابة قول له يوافق هذا المرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دل على أن له أصلا ولا يطرح.

الرابع: أنه إذا وجد خلق كثير من أهل العلم يفتون بما يوافق المرسل دل على أن له أصلا.

الخامس: أن ينظر في حال المرسل، فإن كان إذا سمى شيخه سمى ثقة وغير ثقة، لم يحتج بمرسله، وإن كان إذا سمى لم يسمإلا ثقة لم يسم مجهولا ولا ضعيفا مرغوبا عن الرواية عنه، كان ذلك دليلا على صحة المرسل، وهذا فصل النزاع في المرسل، وهو من أحسن ما يقال فيه.

السادس: أن ينظر إلى هذا المرسل له، فإن كان إذا شرك غيره من الحفاظ في حديث وافقه فيه ولم يخالف، دل ذلك على حفظه، وإن خالفه ووجد حديثه أنقص إما نقصان رجل يؤثر في اتصاله، أو نقصان رفعه بأن يقفه، أو نقصان شيء من متنه، كان في هذا دليل على صحة مخرج حديثه، وأن له أصلا، فإن هذا يدل على حفظه وتحريه، بخلاف ما إذا كانت مخالفته بزيادة، فإن هذا يوجب التوقف والنظر في حديثه.

وهذا دليل من الشافعي على أن زيادة الثقة عنده لا يلزم أن تكون مقبولة مطلقا كما يقوله كثير من الفقهاء من أصحابه وغيرهم، فإنه اعتبر أن يكون حديث هذا المخالف أنقص من حديث من خالفه، ولم يعتبر المخالف بالزيادة، وجعل نقصان هذا الراوي من الحديث دليلا على صحة مخرج حديثه، وأخبر أنه متى خالف ما وصف أضر ذلك بحديثه، ولو كانت الزيادة عنده مقبولة مطلقا لم يكن مخالفته بالزيادة مضرا بحديثه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير