والمنهج الذي يعتمد على القرائن والملابسات في التصحيح والتضعيف بغض النظر عن ظواهر السند اللافتة منهج متقدم تبناه النقاد في مرحلة الرواية، ولهذا نصطلح هنا ونقول: فمن كان عمله على النوع الأول (وهو اعتبار ظواهر السند في التصحيح والتضعيف) فهو على منهج المتأخرين، حتى وإن كان في عصر الرواية،ومن كان على النوع الثاني (وهو اعتماد القرائن في ذلك) فهو على منهج المتقدمين وإن كان من المعاصرين. وبالتالي فالذي نصل إليه مما سبق هو أن تفريقنا بين المتقدمين والمتأخرين في قسمي علوم الحديث النظري والتطبيقي تفريق منهجي لا زمني،وإن ذلك ضروري في فهم حقيقة هذا العلم.))
7 - ((ولذلك فإن عملنا في هذا الصدد لم يكن إلا في إطار بيان أسس هذه الفكرة وتوضيح معالمها، وبيان العوامل التاريخية التي أدت إلى ذلك التباين المنهجي))
8 - ((ومن هنا يجد كل منصف أن التفريق بين المتقدمين والمتأخرين بفاصل منهجي في قسمي علوم الحديث النظري والتطبيقي هو تعبير صادق عن الواقع))
9 - ((ولذا أسميت الكتاب " الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها "، مراعياً في ذلك صفة الأغلبية فيهما، مع أن الهدف من ذلك بالدرجة الأولى هو الموازنة بين منهجين مختلفين، وليس التحديد الحصري لأفراد هذه المنهجين.))
10 - ((وما دعاني إلى إثارتها من جديد إلا إحياء منهج المحدثين النقاد المتقدمين في تصحيح الأحاديث وتعليلها، بعد أن لمست في كثير من البحوث والدراسات المعاصرة انتهاج منهج ملفق بين منهج المحدثين النقاد وبين منهج الفقهاء وعلماء الأصول، ثم إلصاقة بنقاد الحديث.))
11 - ((وهذه النصوص كلها توضح وقوع فوارق منهجية لافتة الانتباه بين المتقدمين والمتأخرين فيما يخص طرق التحمل والأداء))
12 - ((وفي ضوء هذا الواقع العلمي فإن الحديث الذي نحن بصدده قد ضعفه الحاكم والبيهقي وغيرهما بناء على القرائن المحتفة به، لكن من المتأخرين من رفض هذا التضعيف كالحافظ مغلطاي،حين قال: " لا بأس بسنده "،ومنهم من صححه، كالشيخ محمد عابد السندي والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني، بناء على ثقة الراوي، دون أن يأخذوا بعين الاعتبار ما ألمح النقاد إليه من القرائن الدالة على أن الزيادة الواردة في حديث الخراز خطأ ووهم وباطل، فكان تصحيحهم لهذه الزيادة نموذجاً لمنهج الفقهاء المتأخرين في التصحيح والتضعيف الذي أوضحه ابن دقيق العيد وغيره من الأئمة، وأن هذا المنهج غير مقبول، ولا يسلم لهم ذلك، كما صرح بذلك الحافظ ابن حجر والسخاوي وغيرهما، كما سبق في مقدمة هذا الكتاب وما بعدها من المباحث.))
13 - ((وذلك لأؤكد مرة أخرى أن عملية التصحيح والتعليل بناء على نظر سطحي في ظواهر السند، ومراتب الرواة في الجرح والتعديل، تبلورت في مرحلة ما بعد الرواية كمنهج يزاحم منهج النقاد الأوائل الذي يعتمد على القرائن والملابسات بغض النظر عن ظواهر السند اللافتة.))
14 - ((لهذا أكرر قولي: بأن من كان عمله على اعتبار ظواهر السند في التصحيح والتضعيف فهو على منهج المتأخرين، حتى وإن كان في عصر الرواية،ومن كان اعتماده في ذلك القرائن فهو على منهج المتقدمين، حتى وإن كان من المعاصرين، وبالتالي فالذي نصل إليه هو أن تفريقنا بين المتقدمين والمتأخرين في قسمي علوم الحديث النظري والتطبيقي تفريق منهجي لا زمني))
15 - ((ويتجلى للقارئ بوضوح – بهذا المثال كغيره – تباين المنهج في التصحيح والتضعيف بين نقاد الحديث وبين متأخري علماء الفقه والأصول ومن سار نهجهم من المحدثين، وأن منهج المحدثين النقاد في ذلك هو وحده المعول عليه، وأنه من الخطأ الواضح الخلط بين مناهجهم المتباينة في التصحيح والتضعيف، ثم إسناده إلى نقاد الحديث. والله أعلم.))
ـ[عمر عبدالتواب]ــــــــ[03 - 03 - 08, 04:31 م]ـ
شيوخنا الكرام بارك الله فيكم و زادكم الله من فضله
كنا ننتظر مثل هذا الحوار البناء منذ مدة طويلة فالكثير ممن هو في بداية الطلب مثلي يحتاج إلى تحرير هذا الخلاف و نسأل الله أن يوفقكم إلى ما يحبه و يرضاه
شيخنا الكريم محمد خلف نرجو إعادة رفع المقالة بصيغة doc أو txt و جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 08, 06:12 م]ـ
¥