الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي جاء الأمر به والتأكيد عليه، حتى عده جمع من أهل العلم ركن من أركان الإسلام ((من رأى منكم منكراً فليغيره ... )) هل نستطيع أن نقول: هذا لا يعنينا؟ هل يستطيع مسلم أن يقول: هذا لا يعنيني؟ مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من رأى منكم منكراً فليغيره .... )) {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [(104) سورة آل عمران] مع هذه النصوص يستطيع ساذج فضلاً عن طالب علم أن يقول: هذا الأمر لا يعنينا ليدخل في الحديث: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) هو يعنيك بالدرجة الأولى، لا سيما إذا رأيت هذه المنكرات، فالحديث: ((من رأى منكم منكراً ... )) المنكر يعني كل من رآه، فهو مأمور بتغييره، لكن التغيير يختلف من شخص إلى شخص، منهم من يستطيع التغيير بيده، يلزمه ذلك، منهم من لا يستطيع التغيير بيده ينتقل على الثاني يغير بلسانه، منهم من لا يستطيع التغيير بلسانه ينتقل إلى التغيير بالقلب، على أن لا يغير المنكر بما يترتب عليه منكر أعظم منه، المسألة تحتاج إلى سياسة شرعية، أما كون المنكر لا يعنينا هذا الكلام ما هو بصحيح، يعنينا بالدرجة الأولى، نحن مأمورون بتغييره، كل من رأى المنكر مأمور بتغييره، إلى أن يتغير المنكر، ويأثم من لم يغير المنكر.
الأمر الثاني: أن المنكر لا سيما المنكر الظاهر، سبب لهلاك الجميع، فإذا كثر الخبث وانتشر ولا يوجد من يغيره ومن ينكره هلك الناس، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم، إذا كثر الخبث)) فإذا تتابع الناس على عدم الإنكار وتواطؤا على ذلك، وشاعت المنكرات انتشرت فما يقال: بكثير من المعاصي الآن عمت بها البلوى، هل تريدون مثل هذا أن تعم البلوى بالزنا؟ أن تعم البلوى بالربا؟ فلا يستطيع الناس الانفكاك منه، إذا تواطأ الناس على تركه رآه فلان وفلان وعلان ........ بينهم بحيث لا يستطيعون دفعه، تواطأ الناس على السكوت على بعض المنكرات التي هي في نظرهم صغيرة استفحلت وانتشرت بحيث صح فيها أن يقال: أنها عمت بها البلوى، فلا نستطيع إنكارها، عموم البلوى بها ضريبة السكوت الأول، فإذا كان مثل هذا القائل يرى أن الناس لا ينكرون المنكرات يرى هذا خلا بامرأة، وهذا يعقد صفقة ربا، وهذا يقذف فلان ولا ينكر، إيش معنى هذا الكلام؟ هذه المخالفة لأمره -عليه الصلاة والسلام- وأمر الله -جل وعلا- من قبل ذلك؛ فلا شك أنها من أعظم المنكرات، وإذا رأى الناس المنكر ولم يغيروه ماذا يحدث لهم؟ أوشك الله أن يعمهم بعقابه، نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا.
وهذا سائل يقول: ما رأيك في موقع الدرر السنية على الإنترنت الخاص بالحكم على الأحاديث من خلال أقوال العلماء وهل هو موثوق؟
أنا لا أدخل في المواقع ولا أعرفها، لا أدخل المواقع ولا أعرفها، لكن ينقل لنا بعض الأشياء من بعض المواقع لكن تصوري ليس بكامل عن هذا الموقع، فلا أستطيع الحكم عليه.
وهذا سائل يقول: هل الحديث عن الأحوال التي تمر بها الأمة وتحليلها ومتابعة أحداثها كما يحصل في العراق وفلسطين وغيرها يوماً بعد يوم يعد من ترك ما لا يعني؟
أما الاهتمام بشؤون المسلمين، الاهتمام بأمور المسلمين هذا أمر لا بد منه، ولا بد أن يكون الإنسان على اطلاع، لا يكون الإنسان مغيب، لا وجود له في المجتمع، عليه أن يطلع، لكن عليه بالتوازن، يطلع إطلاع ينفعه، وينفع غيره، يقدم حلول ممكنة، أما يطلع ويختفي بعدين ثم الفائدة إيش؟ لا بد إذا اطلع أن يسعى بجهده وطريقته بالأسلوب المناسب لبذل ما ينفع في حل هذه المشكلات، أما أن يصرف جهده ووقته ويفني عمره بالإطلاع من دون حل هذا لا ينفع، بل ينصرف إلى ما هو أهم منه.
فعلى الإنسان ألا يكون غفل لا يعرف ما يدور في أمته وحوله، وعليه أيضاً ألا يصرف جهده إلى مثل هذه الأمور التي نفعها -إن وجد- لا سيما من آحاد الناس الذين لا يقدمون ولا يؤخرون، نفعها أقل من الانصراف بالكلية إلى تعلم العلم الشرعي والعمل به.
وهذا هو السؤال الأخير يقول: فضيلة الشيخ آمل من فضيلتكم أن تضعوا قواعد يوازن الشباب بها بين طلب العلم والدعوة والعبادة والجهاد ومجالات النفع للمسلمين وجزاكم الله خيراً؟
أما بالنسبة للتوازن فللعبادة الخاصة عليه أن يعنى بما أوجب الله عليه، وما يسدد به ويرقع به خروم هذه العبادات، من نوافلها المطلوبة لتكميلها، عليه الصلوات المفروضة وتكميلها بالرواتب، وعليه بما حافظ النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وبما حث عليه وما جاء عنه، عليه بالصيام والإكثار من نوافل الصيام من الأيام التي جاء الحث على صيامها ولا يصرف همه إلى عبادة من العبادات بحيث تعوقه عن غيرها، عليه أن ينوع هذه العبادات فتنويع العبادات كما أشرنا سابقاً من مقاصد الشرع.
لكن قد يفتح للإنسان باب يسهل عليه التلذذ بهذه العبادة وينشرح صدره لها ويسهل عليه غيرها، فيكثر من هذه العبادة ولا ينسى غيرها مع أن الطالب في دور الشباب عليه أن يتجه إلى العلم، إلى تحصيل العلم، وما علمه يعمل به، ويدعو غيره إليه، وعليه أن يكون في أموره متوازناً بحيث لا يتجه إلى العلم بالكلية ويترك الأمر والنهي والدعوة ويترك أيضاً نوافل العبادات مشتغلاً بالعلم؛ أهل العلم يقولون: أن الاشتغال بالعلم أفضل من نوافل العبادات، لكن يبقى أن المسألة توازن، يعني أفضل من نوافل العبادات هل تترك الرواتب من أجل تحصيل العلم؟ لا تترك الرواتب وهي من نوافل العبادات من أجل تحصيل العلم، نعم الذي له عادة يقرأ القرآن في ثلاث، وقراءته القرآن في ثلاث تعوقه عن متابعة تحصيل العلم، نقول: يا أخي اقرأ القرآن في سبع واصرف بقية الوقت لتحصيل العلم، الذي يصلي اليوم والليلة مائة ركعة، نقول: صل أربعين ركعة وزد عليها الشيء اليسير بحيث تصرف بقية الوقت إلى تحصيل العلم، وهكذا بقية نوافل العبادة، على الإنسان أن يكون في أموره كلها متوازناً.
والله المستعان.
¥