(بعثت بين يدي الساعة) مستعار مما بين يدي جهة الإنسان تلويحا بقربها والساعة هنا القيامة وأصلها قطعة من الزمان (بالسيف) خص نفسه به وإن كان غيره من الأنبياء بعث بقتال أعدائه أيضا؛ لأنه لا يبلغ مبلغه فيه، أقول: ويحتمل أنه إنما خص نفسه به؛ لأنه موصوف بذلك في الكتب، فأراد أن يقرع أهل الكتابين، ويذكرهم بما عندهم أخرج أبو نعيم عن كعب: خرج قومٌ عُماراً، وفيهم عبد المطلب ورجل من يهود، فنظر إلى عبد المطلب، فقال: إنا نجد في كتبنا التي لم تبدل أنه يخرج من ضئضئى هذا من يقتلنا وقومه قتل عاد.)
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/ 14):
"الإسلام انتشر بالحجة والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند وكابر حتى غُلِب على أمره، فذهب عناده فأسلم لذلك الواقع"
أقوال أهل العلم في الجملة الثانية:
2 - وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلّ رُمْحِي
قال الحافظ ابن كثير في البداية:
" ... ثم لما شرع الله الجهاد بالمدينة، كان يأكل مما أباح له من المغانم التي لم تبح قبله، ومما أفاء الله عليه من أموال الكفار التي أبيحت له دون غيره، كما جاء في المسند والترمذي عن ابن عمر قال: ... " الحديث
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى:
" فصل / الأموال السلطانية التى أصلها فى الكتاب والسنة ثلاثة أصناف الغنيمة والصدقة والفئ*:
فأما الغنيمة فهى المال المأخوذ من الكفار بالقتال ذكرها الله فى سورة الأنفال التى أنزلها فى غزوة بدر وسماها انفالا؛ لأنها زيادة فى أموال المسلمين فقال: {يسألونك عن االأنفال قل الأنفال لله والرسول ... } إلى قوله { ... واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ... } الآية، وقال: {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم}
وفى الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما ان النبى [صلى الله عليه وسلم] قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن نبى قبلى؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا؛ فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، واعطيت الشفاعة، وكان النبى يبعث الى قومه خاصة،وبعثت الى الناس عامة)
وقال النبى [عليه السلام] بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقى تحت ظل رمحى وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم رواه أحمد فى المسند عن ابن عمر واستشهد به البخارى"
* [قال الفقهاء ان الفىء هو ما أخذ من الكفار بغير قتال وسمى فيئا لأن الله افاءه على المسلمين اى رده عليهم من الكفاروهذا مثل الجزية التى على اليهود والنصارى والمال الذى يصالح عليه العدو او يهدونه الى سلطان المسلمين كالحمل الذىيحمل من بلاد النصارى ونحوهم وما يؤخذ من تجار اهل الحرب وهو العشر ومن تجار اهل الذمة اذا اتجروا فى غير بلادهم وهو نصف العشر (ابن تيمية –الفتاوى)]
وقال ابن القيم في الزاد:
" ... فإن قيل: فما أطيب المكاسب وأحلها؟ قيل هذا فيه ثلاثة أقوال للفقهاء
أحدها: أنه كسب التجارة.
والثاني: أنه عمل اليد في غير الصنائع الدنيئة كالحجامة ونحوها.
والثالث: أنه الزراعة، ولكل قول من هذه وجه من الترجيح أثرا ونظرا، والراجح أن أحلها الكسب الذي جعل منه رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كسب الغانمين، وما أبيح لهم على لسان الشارع، وهذا الكسب قد جاء في القرآن مدحه أكثر من غيره، وأثني على أهله ما لم يثن على غيرهم، ولهذا اختاره الله لخير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله، حيث يقول:بعثت ... [الحديث] وهو الرزق المأخوذ بعزة وشرف وقهر لأعداء الله وجعل أحب شئ إلى الله فلا يقاومه كسب غيره والله أعلم"
قال الحافظ في الفتح:
¥