ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[01 - 04 - 08, 09:21 ص]ـ
الأخ أبو معاذ وفقه الله تعالى:
أولاً: بارك الله فيك على الجهد الذي بذلته، وشكر الله لك على الافع الذي دفعك لكتابة هذه السطور وهو: الدب عن الدين.
ثانياً: لي عتب عليك أخي الكريم في عدم توسعك في التخريج، والسير بنقدك سيرة علمية، وهي؛ تخريج السند وإيراد المطاعن عليه، والرد على هذه المطاعن، وثانيها الرد على المطاعن التي قيلت في المتن، ولكنك قمت بما هو أشبه بالشرح منه إلى دراسة الحديث.
ثالثاً: لا يمكننا أخي الفاضل أن نصف كل مخالف أو مضعف لحديث بأنه ضعفه لهوى، أو لإرضاء فلان، أو الجهة الفلانية، ولننظر هل هو الوحيد الذي ضعف هذا الحديث وبالتالي خالف أهل العلم جميعاً في ذلك أم له سلف وخلف؟؟ فإن كان الأول فننظر هل هذا هو دأب هذا الرجل في تضعيفه للأحاديث، وأنه دائم المخالفة للعلماء في تضعيف ما يصححوه؟؟ وإن كان الثاني أي له سلف في التضعيف فهل وسعنا في نقده ما وسعنا في نقد الآخرين؟
وبناءً على ذلك أخي الفاضل فأجد أنك أردت بكلامك هذا الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، غندما ذكر بأن في الحديث ضعفاً، ولا أظن أنه قالها لإرضاء الغرب، فالرجل له نظرات موفقة في الحديث بل وفي علوم الحديث، وإن كان له كلمات نرفضها، وفتاوى نهجرها، إلا أن هذا ليس مبرراً لاتهامه بهذه التهمة الشنيعة التي تقترب من تحريف النصوص لمآرب أخرى كقولك: ((هذا الحديث الثابت كما تبين آنفا، قد تعسف برده وتضعيفه البعض ممن دأب على اللهاث وراء سراب الغرب، وتعلق بأذيالهم أملا في اللحاق بركب حضارتهم المادية، الخالية من القيم والإنسانية، وقد عمد هؤلاء إلى لَيِّ أعناق النصوص، ورد الثابت من قول النبي صلى الله عليه وسلم –ولو كان في الصحيحين – تبعا لأذواقهم السقيمة، وعقولهم القاصرة ظنا منهم أنهم يُحسِّنون صورة الإسلام، ويقدمونه بصورة تناسب روح العصر -زعموا! -)) وهذا القول فيه من التعسف ما فيه، ولا يخفى أنه كله من قبيل الإنشاء ولو طالبناك بالدليل على كل مما قلت لما وجدت إلى ذلك سبيلاً.
ولنرجع إلى الحديث: فالحديث أخي الفاضل من حيث السند فيه كلام لا يخفى على كل من تلبس بالعلم، وهذا الكلام قد وصل ببعض من نظر إليه إلى تحسين الحديث، وبعضهم بالغ فقال: إسناده صحيح. لكنني أنقل لك كلام من ضعفه غير القرضاوي من المعاصرين وقد سبقه بسنين وتكلم بكلام متين، وهو الشيخ شعيب الأرناؤوط، فقد قال في تخريجه لمسند الإمام أحمد: 9/ 123 - 126: إسناده ضعيف على نكارة في بعض ألفاظه. ابن ثوبان اختلفوا فيه وخلاصة القول أنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر عليه فقد أشار أحمد إلى أن له أحاديث منكرة قال الأرناؤوط: وهذا منها.
ثم ذكر متابعة الأوزاعي لابن ثوبان وقال: أخرجها الطحاوي في شرح المشكل حديث رقم 231 ثم عللها الأرناؤزوط في تخريجه لمشكل الآثار بثلاث علل ثم قال: فهذه العلل الثلاث مجتمعة لا يمكن معها تقوية الحديث المرفوع بهذه المتابعة.
وأنصح بالرجوع إلى تخريجه كاملاً فقد تتبع الطرق ونقدها.
وهذا الحديث علقه البخاري في صحيحه بصيغة التمريض، وقال ابن حجر عند تخريجه: (فتح الباري 6/ 98: قوله: " ويذكر عن ابن عمر إلخ "
هو طرف من حديث أخرجه أحمد من طريق أبي منيب - بضم الميم وكسر النون ثم تحتانية ساكنة ثم موحدة - الجرشي بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة عن ابن عمر بلفظ بعثت بين يدي الساعة مع السيف وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم " وأخرج أبو داود منه قوله " من تشبه بقوم فهو منهم " حسب من هذا الوجه، وأبو منيب لا يعرف اسمه وفي الإسناد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان مختلف في توثيقه، وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن سعيد بن جبلة)
فهذا القول من ابن حجر رحمه الله مصير إلى تضعيفه، إذ هل نلتمس لحديث صحيح شواهد ومتابعات؟؟!!
ومع ذلك فالشاهد الذي أحال عليه ابن حجر، ليس بجيد، فعو مع إرساله، من رواية سعيد بن جبلة، وهذا قال عنه ابن حجر في لسان الميزان: (سعيد بن جبلة: عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله بعثني بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي الحديث وعنه الأوزاعي قال: بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال هو شامي وقال محمد بن خفيف الشيرازي ليس هو عندهم بذاك).
وهذا تتبع سريع، لم أقصد منه تتبع الحكم لكنني أردت أن أقول لك أن هناك من أقر بضعف هذا الحديث ممن سلف، وممن عاصرنا، فلِمَ لم نتتبع إلا مقولة القرضاوي، وأظنه ما قالها إلا بعد ما رأى غيره تكلم في الحديث.
أما عن الحديث ككل فلا يمكننا جعله من الصحيح الثابت الذي لا يتطرق إليه الضعف، بل هو في أحسن حالاته حديث اختلف في تحسينه وتضعيفه.
أما قولك السريع عن عبارة (بعثت بالسيف) واستشهادك بحديث (جئتكم بالذبح فآمل منك مراجعة بحثي: (ما أنعم الله به من الفتح في توجيه وتخريج حديث جئتكم بالذبح) في منتدى التخريج.
ولك في النهاية وافر تقديري وجزيل شكري.
¥