فتسميته بذلك إما لقوته أو ندرته أو لمشقة الحصول عليه، وليس العزيز شرطاً للصحيح خلافاً لأبي علي الجبائي المعتزلي فقد زعم أنَّه لا يكون الحديث صحيحاً إلَّا إذا كان عزيزاً جاء من طريقين على الأقل.
وثمرة الخلاف: أن الغريب لا يكون صحيحاً عند أبي علي لكونه قد جاء من طريق واحد، ومن شرط الصحيح عنده أن يأتي من طريقين على الأقل، أمَّا عند غيره فيكون صحيحاً لعدم اشتراط ذلك الشرط.
ويرد على من زعم أنَّ العزيز شرط في الصحيح عند البخاري بالأحاديث الكثيرة التي أوردها البخاري في «صحيحه» وهي غريبة لم تأت إلَّا من طريق واحد ومن أبرزها الحديث الذي صدَّر به «صحيحه» وهو حديث: «إنَّما الأعمال بالنيات ... »، ومثله الحديث الذي ختم به «صحيحه»، وهو حديث أبي هريرة: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ... ».
ومثال العزيز حديث: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».
الغريب
س7 ـ ما هو الغريب لغة واصطلاحاً؟ ومثل له. ج ـ الغريب لغة فعيل من الغربة وهي النزوح عن الوطن.
وفي الاصطلاح هو: ما كان له طريق واحد.
ومثاله حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جعله بعضُ المصنفين في الحديث فاتحة كتبهم وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمال بالنيات ... » الحديث.
تقسيم الخبر إلى مقبول ومردود
س8 ـ اذكر أقسام الخبر من حيث القبول والرد، ولم انقسمت أخبار الآحاد إلى القسمين في ذلك؟
ج ـ الخبر المتواتر مقبول قطعاً.
وأما الآحاد فمنها المقبول، وهو حُجَّة في العقائد والأحكام.
ومنها المردود الذي لا يُحتجُّ به.
وقد قسم المحدثون الآحاد إلى هذين القسمين لتوقف الاستدلال بها أو عدمه على البحث عن أحوال رواتها.
إفادة الآحاد العلم النظري
س9 ـ اذكر شيئاً من القرائن التي إذا احتفت بأخبار الآحاد أفادت العلم النظري على المختار عند المحدثين؟ وما الذي تفيده أخبار الآحاد؟ وما الفرق بين العلم اليقيني والعلم النظري؟
ج ـ خبر الواحد يفيد الظن الغالب، ويفيد العلم النظري إذا احتفت به قرائن، ومن تلك القرائن ما يلي:
1 ـ أن يخرج البخاري ومسلم في «صحيحيهما» حديثاً مما لم يبلغ حد المتواتر، فإن ذلك قرينة قوية كافية لحصول العلم النظري، وهذه القرينة هي: جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول.
2 ـ أن يكون الخبر مشهوراً له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل.
3 ـ أن يكون الخبر مسلسلاً بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريباً كالحديث الذي يرويه أحمد وشريك له عن الشافعي ثم يكون الشافعي رواه هو وشريك له عن مالك.
فهذه القرائن الثلاث تختص الأولى بما في الصحيحين، والثانية بما له طرق متعددة، والثالثة بما رواه الأئمة المتقنون.
والعلم اليقيني هو الضروري الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه، والفرق بينه وبين العلم النظري:
أ ـ أن اليقيني يفيد العلم بلا استدلال، والنظري يفيده لكن مع الاستدلال على الإفادة.
ب ـ واليقيني يحصل لكل سامع، والنظري لا يحصل إلَّا لمن فيه أهلية النظر.
الفرد المطلق والفرد النسبي
س10 ـ عيّن مكان الغرابة، وبم يسمى كل من أمكنتها؟ ولماذا سمي الثاني منها فرداً نسبياً؟ ومثل للفرد المطلق والفرد النسبي، وما الفرق بين الغريب والفرد في اصطلاح المحدثين؟
ج ـ الغرابة إما أن تكون في أصل السند وهو طرفه الذي فيه الصحابي كأن ينفرد به التابعي عن الصحابي.
وإما أن تكون في أثنائه كأن يرويه عن الصحابي أكثر من واحد ثم ينفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد.
فالأول يسمى الفرد المطلق مثل حديث شعب الإيمان، تفرد به أبو صالح عن أبي هريرة وتفرد به عبد الله بن دينار عن أبي صالح.
والثاني يسمى الفرد النسبي كأن يروي مثلاً مالك عن نافع عن ابن عمر حديثاً ويرويه عن نافع خلق كثير وينفرد بروايته فرد واحد عن مالك، فهو من هذه الطريق يسمى فرداً نسبياً «أي بالنسبة إلى ذلك الشخص الذي تفرد به عن مالك».
وسمي الثاني فرداً نسبياً: لكون التفرد به حصل بالنسبة إلى شخص معين وإن كان الحديث في نفسه مشهوراً.
والمحدثون قد غايروا بين الغريب والفرد من حيث كثرة الاستعمال وقلته، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي.
¥