[قدح الساخط ومدح المحب (للمعلمى) فى الجرح والتعديل]
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[08 - 04 - 08, 06:57 م]ـ
قال المعلمى رحمه الله فى التنكيل 1ج\56 - 57:
واذا سبق الى نفس الانسان امر – وان كان ضعيفا عنده –ثم اطلع على ما يحتمل موافقه ذلك السابق ويحتمل خلافه فإنه يترجح فى نفسه ما يوافق السابق , وقد يقوى ذلك فى النفس جدا وان كان ضعيفا.وهكذا اذا كانت نفس الانسان تهوى امرا فاطلع على ما يحتمل ما يوافقه وما يخالفه فإن نفسه تميل الى ما يوافق هواها , والعقل كثيرا ما يحتاج عند النظر فى المحتملات والمتعارضات الى استفتاء النفس لمعرفه الراجح عندها , وربما يشتبه على الانسان ما تقضى به نفسه بما يقضى به عقله, فالنفس بمنزله المحامى عندما تميل اليه , ثم تكون هى الشاهد وهى الحاكم ,والعالم اذا سخط على صاحبه فإنما يكون سخطه لامر ينكره فيسبق الى النفس ذلك الانكار وتهوى ما يناسبه ثم تتبع ما يشاكله وتميل عند الاحتمال والتعارض الى ما يوافقه ,فلا يؤمن ان يقوى عند العالم جرح من هو ساخط عليه لامر لولا السخط لعلم انه يوجب الجرح, وائمه الحديث مثبتون ولكنهم غير معصومين عن الخطأ, واهل العلم يمثلون لجرح الساخط بكلام النسائى فى احمد بن صالح , لما ذكر ابن الصلاح ذلك فى المقدمه عقبه بقوله " قلت: النسائى امام حجه فى الجرح والتعديل ,واذا نسب مثله الى مثل هذا كان وجهه ان عين السخط تبدى المساوىء ,لها فى الباطن مخارج صحيحه وتعمى عنها بحجاب السخط لا ان ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه"
وهذا حق واضح إذ لو حمل على التعمد سقطت عداله الجارح. والفرض انه ثابت العداله,
وهذا كل ما يخشى فى الذم والجرح يخشى مثله فى الثناء والتعديل فقد يكون الرجل ضعيفا فى الروايه ولكنه صالح فى دينه كأبان بن ابى عياش.او غيور على السنه كمؤمل بن اسماعيل او فقيه كمحمد بن ابى ليلى .. فتجد اهل العلم يثنون على الرجل من هؤلاء لا يقصدون الحكم له بالثقه فى الروايه,
وقد يرى العالم ان الناس بالغوا فى الطعن فيبالغ فى هو فى المدح كما يروى عن حماد بن سلمه انه ذكر له طعن شعبه فى ابان بن ابى عياش.فقال: ابان خير من شعبه , وقد يكون العالم وداً لصاحبه فيأتى فيه بنحو ما تقدم فيأتى بكلمات الثناء التى لا يقصد بها الحكم ولا سيما عند الغضب كأن تسمع رجلا يذم صديقك او شيخك او امامك فإن الغضب قد يدعوك الى المبالغه فى إطراء من ذمه , وكذلك يقابل كلمات التنفير بكلمات الترغيب, وكذلك تجد الانسان الى تعديل من يميل اليه ويحسن الظن به اسرع منه الى تعديل غيره, واحتمال التسمح فى الثناء اقرب من احتماله فى الذم فإن العالم يمنعه من التسمح فى الذم الخوف على دينه لئلا يكون غيبه والخوف على عرضه فإن من ذم الناس فقد دعاهم الى ذمه ,
ومع هذا كله فالصواب فى الجرح والتعديل هو الغالب وانما يحتاج الى التثبت والتأمل فيمن جاء فيه جرح او تعديل ولا يسوغ ترجيح التعديل مطلقا بان الجارح كان ساخطا على المجروح , ولا ترجيح الجرح مطلقا بان المعدل كان صديقا له , وانما يستدل بالسخط والصداقه على قوة احتمال الخطا اذا كان محتملا فأما اذا لزم من اطراح الجرح او التعديل نسبه من صدر منه ذلك الى افتراء الكذب او تعمد الباطل او الغلط الفاحش الذى يندر وقوع مثله من مثله فهذا يحتاج الى بينه اخرى , ولا يكفى فيه اثبات انه كان ساخطا او محبا. ا. هـ
ـ[عبد المتين]ــــــــ[09 - 04 - 08, 05:35 ص]ـ
رحمه الله ....