[فقه بلغوا عني ولو آية؟]
ـ[فراس بن محمد حمودة]ــــــــ[17 - 04 - 08, 11:07 م]ـ
[فقه بلغوا عني ولو آية؟]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أحب كثيراً الوقوف عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأمل فيه لأخذ منه العبر على قدر فهمي ومبلغ علمي، فلذلك ومن منطلق هذا الحب ومن منطلق الحديث الذي سوف أذكره أكتب هذه التأملات على قدر فهمي راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد فأقول:
ما هو السر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)؟
السر _ والله أعلم _ هو أن القرآن محفوظ في الصدور؛ وقد تكفل الله تعالى بحفظه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فليس هناك مجال لحدوث الخطأ في تبليغ الآية فقد تكفل الله تعالى بحفظه، وهو محفوظ في الصدور، ومكتوب في المصاحف؛ فلذلك من الصعب حدوث الخطأ في تبليغ الآية، وعلى فرض أنه تم تبليغ الآية بالخطأ؛ فإنه سرعان ما تظهر هذه الآية للأسباب المذكورة سابقاً من حفظ الله تعالى لكتابه الكريم، وكتابة هذا القرآن الكريم _ الذي هو كلام الله عز وجل _ في المصاحف، ففي حالة الخطأ في نقل الآية فأن الجاهل فضلاً عن العالم يستطيع أن يعرف بأن هذه الآية هل هي من القرآن الكريم أو أنها ليست منه وذلك بالرجوع إلى المصحف.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: بلغوا عني ولو حديث.
أيضاً لسر _ والله أعلم _ أن معرفة الحديث من حيث درجة الصحة والضعف بحاجة إلى عالم بعلوم الحديث وطرق التخريج وأسسه وضوابطه، فصنعة الكشف عن درجة صحة الحديث أو ضعفه لا يستطيع أن يتقنه الإنسان العادي، وكذلك لا يستطيع الإنسان أن يعرف صحة الحديث بالسهولة التي يعرف بها صحة الآية.
فنقل الأحاديث بحاجة إلى عالم و فقيه رباني وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد تبليغ حديثه أن يبلغه كما سمعه: (نضر الله امرء سمع منا شيئا وبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع).
فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ علم بأن هناك من سوف يكذب عليه _ فقد كان _ فقال صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ)، محذراً هذه الأمة من هذا الكذب الذي نهايته النار.
ومن فوائد الحديث الظاهرة:
1 - حرصه صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ على أمته من الوقوع في الخطأ ودلهم على أسهل أبواب الخير.
2 - دعوته صلى الله عليه وسلم هنا دعوة عامة، فلم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الدعوة بأحد دون أحد؛ ولا خص عالم ولا منع جاهل من تبليغ هذه الآية، والشرط الوحيد المطلوب المفهوم من المنطوق هو أن يكون الإنسان حامل لهذه الآية سواء كان حاملاً لها في صدره أو من خلال المصحف.
3 - هذا التأمل في الحديث إذا كان المقصود بالآية هو: كتاب الله، فأما إذا كان المقصود أشمل وأعم فللحديث وقفة أخرى.
4 - أعتقد بأن هذا الوقفة عند بعض الأخوة الأفاضل من المسلمات ولكن هذا مبلغ علمي.