تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

معاملة الاختلاف وينظرون هل هذا من الاختلاف المؤثر أم ليس من الاختلاف المؤثر هل هذا الاختلاف يقدح في الحديث أو لا يقدح في الحديث؟

الطريق التي يسلكها العلماء لمعرفة إن كان هذا الراوي تفرد أو لم يتفرد توبع أو لم يتابع خولف أو لم يخالف يسمى عندهم بالاعتبار، هذا هو الاعتبار أو معنى الاعتبار في اصطلاح علماء الحديث -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى.

ولهذا تجد كما أشار الإمام ابن الصلاح تجد العلماء يقولون: فلان يصلح للاعتبار وفلان لا يصلح للاعتبار، هذا راجع إلى حال الراوي نفسه فليس كل من روى رواية وافق فيها غيره يكون ذلك كافياً لأن نعتبر بروايته أو أن نستشهد بروايته أو أن نستأنس بروايته وهذا سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى- لكن هذا هو المقصود من كلمة الاعتبار حيث ترد في كلام المحدثين وإن كان لها معنى آخر سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-.

العلماء قالوا هذا الاعتبار ينتج عنه معرفة المتابعات ومعرفة الشواهد، ويقولون المتابعة أن يأتي الراوي بما قد جاء به غيره إسناداً ومتناً فالراوي لم يتفرد إنما وجدنا راوياً آخر وافقه فيما جاء به من شيخه فصاعداً ثم المتن هو المتن الذي جاء به الرجلان فنسمي تلك متابعة وهو مثل لذلك بحديث يرويه حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهذا المثال ذكره من قبله ابن حبان في مقدمة كتابه الصحيح، لو أننا وجدنا حماد بن سلمة لم يرو الحديث عن أيوب وغيره، حينئذٍ سنقول إن حماد بن سلمة تفرد بالحديث ولم يتابع عليه لكننا إذا وجدنا غير حماد يروي الحديث أيضاً عن أيوب فحماد حينئذٍ تفرد أم توبع من قبل غيره؟ توبع من قبل غيره فهو لم يأت بالحديث وحده عن أيوب، بل جاء به غير حماد أيضاً عن أيوب فإذن حماد لم يتفرد بالحديث عن أيوب وإنما وافقه غيره في رواية ذلك الحديث عن أيوب، فحماد إن وافقه غيره فنسمي تلك الموافقة متابعة وتجد في كلام علماء الحديث فلان تابعه فلان يقصدون بالمتابعة هذا المعنى أي أن غيره وافقه في رواية الحديث نفسه عن شيخه فصاعداً إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالمتن أيضاً فالراوي لم يتفرد ولم يأت بشيء من قبل نفسه، ولم يأت بشيء لم يتابعه عليه غيره، بل جاء بما قد وافقه عليه غيره وتابعه عليه غيره، فتلك متابعة وهي من أعلى درجات المتابعات وتسمى بالمتابعة التامة.

لماذا هي تسمى بالمتابعة التامة، لأن هذا الغير الذي وافق الأول، وافقه من شيخه فصاعداً أي في كل ما جاء به من الرواية، في اسم شيخه وشيخ شيخه، إلى آخر الإسناد ثم المتن هو المتن فلم يخالفه في جزء من الرواية فضلاً عن كلها، فإذا وافقه هذا المتابع في الرواية كلها يسمى تلك المتابعة تامة لأنه تابعه على الرواية بكمالها بكل جزئياتها، لكن هب أن المتابع لحماد بن سلمة لم يوافقه على رواية الحديث عن أيوب، وإنما وافقه فقط في رواية الحديث عن محمد بن سيرين، بمعنى غير حماد روى الحديث عن غير أيوب عن محمد بن سيرين، فهو قد وافقه في مخرج الحديث وأنه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لكنه لم يوافقه في جعله الحديث من حديث أيوب خاصة وإن وافقه من شيخ أيوب فصاعداً فهذه أيضاً متابعة هي جزء من متابعة أو صورة من صور المتابعات، ولكنها تسمى متابعة قاصرة، لأنها ليست في كل الرواية وإنما في بعضها هو تابعه على جزء من الرواية ولم يتابعه على كل الرواية، وإلا فما زال حماد بن سلمة متفرداً بجعله الحديث عن أيوب وقد يكون مخطئاً حماد بن سلمة في ذلك والحديث إنما يحفظ عن غير أيوب عن ابن سيرين، ثم جاء حماد بن سلمة فجعله عن أيوب عن ابن سيرين فهذا الجزء الذي تفرد به حماد بن سلمة هذا القدر من الرواية الذي تفرد به حماد بن سلمة هو جعل الحديث عن أيوب خاصة هو لم يتابع عليه ولم يوافق عليه من قبل غيره فحينئذ قد ينسب حماد بن سلمة إلى الخطأ فنقول أخطأ حماد في جعله الحديث عن أيوب وإن كان الحديث محفوظاً عن شيخ أيوب وهو محمد بن سيرين، فلهذا سمينا هذه الصورة بالمتابعة القاصرة وإن كانت مندرجة تحت اسم المتابعات عموماً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير