تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مثاله، نحن نعلم أن حديث الأعمال بالنيبات حديث فرد تفرد به يحيى الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من المتفرد بهذا الحديث محمد بن إبراهيم التيمي، هكذا العلماء قالوا، هذا الحديث من أفراد محمد بن إبراهيم التيمي وإن كان حديثاً صحيحاً، نحن كما قلنا ليس كل ما تفرد به الراوي يكون ضعيفاً بل من الأفراد ما هو صحيح ومنه ما هو غير صحيح.

جاء بعض الرواة ممن في حفظهم بعض الضعف ولكن لم يكونوا ضعفاء يعني نستطيع أن نقول صدوق في الجملة، هذا راو روى حديثاً عن الربيع بن جابر الضبي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن محمد بن إبراهيم التيمي، إذن صار محمد بن عمرو بن علقمة متابعاً ليحيى الأنصاري العلماء ماذا قالوا؟ قالوا: هذا خطأ هذا باطل هذا لا أصل له إنما الحديث حديث يحيى الأنصاري ومن رواه عن غير يحيى الأنصاري فقد أخطأ في ذلك، فتلك متابعة وردت أم لا؟ وردت ولكنها ناتجة عن خطأ بعض الرواة أي أبدل راوياً براو فأوهم التعدد، أوهم أن الحديث يرويه أكثر من راوٍ والواقع أنه لم يروه إلا راو واحد، ويقع أيضاً هذا في الشواهد، مثاله مثلاً حديث يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) هذا حديث صحيح ولكن هكذا إسناده، هو من حديث أبي قتادة الأنصاري ومن رواه عن غير أبي قتادة الأنصاري فقد أخطأ، فجاء جرير بن حازم وهو رجل صدوق ولكنه يخطيء أحياناً فرواه عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال (إذ أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) قال العلماء هذا خطأ، الحديث ليس من حديث أنس بن مالك أبداً إنما هو من حديث أبي قتادة الأنصاري فمن أبدل الصحابي ها هنا أخطأ في ذلك.

إذن الشواهد أيضاً قد تأتي ولا يعتد بها العلماء ولا يحكمون بمقتضاها، لكونها خطأ من قبل بعض الرواة.

قد يكون الحديث مع ذلك الحديث تفرد به راو واحد ومع ذلك ظهر أن هناك راو آخر يرويه، ولكن بعد التتبع والصبر والاعتبار والتفتيش في الكتب والروايات تبين أن أحد الرجلين أخذ الحديث من الآخر، فبعد أن كانت الرواية توهم التعدد تبين أن إحدى هذه الروايات راجع إلى الآخر أحد المخرجين راجع إلى مخرج الرواية الأخرى فصار في الرواية رواية فردة غريبة لا تعدد فيها من ذلك حديث يرويه محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- (صلاة بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) هذا الحديث حديث موضوع، ولكن أنت إذا تأملت الإسناد تقول هذا الإسناد محمد بن إسحاق صدوق والزهري إمام حافظ وعروة كذلك يرويه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فلو أن محمد بن إسحاق توبع بأي متابعة فإن هذا ينفعنا، فوجدنا راوياً آخر اسمه معاوية بن يحيى الصدفي قد تابع محمد بن إسحاق، فالباحث الذي لا يتأمل الأسانيد ولا يعرف مسالك العلماء في اعتبار الروايات قد يغتر بذلك ويقول محمد بن إسحاق لم يتفرد بالحديث بل تابعه معاوية بن يحيى الصدفي وهو إن كان فيه ضعف لكن مثل هذا ينفع في باب الشواهد والمتابعات، ولكن تبين لأهل العلم كأبي زرعة وغيره من نقاد الحديث أن محمد بن إسحاق أصلاً أخذ الحديث من معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري ثم أسقطه لأنه كان يدلس وارتقى بالحديث إلى الزهري على سبيل التدليس مباشرة فرجع الحديث إلى أنه من حديث معاوية بن يحيى الصدفي فلأجل هذا لم يكن تلك المتابعة موضع اعتداد ولا يبنى عليها دفع التفرد المنسوب إليه الراوي والله أعلم، هذا ما أردت أن أنبه عليه فيما يتعلق بباب الاعتبار.

قال المصنف -رحمه الله تعالى- (النوع السادس عشر في الأفراد، وهو أقسام: تارة ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم أو ينفرد به أهل قطر كما يقال تفرد به أهل الشام أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك، وقد يتفرد به واحد منهم فيجتمع فيه الوصفان والله أعلم، وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد في مائة جزء ولم يسبق إلى نظيره وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهر في أطراف رتبه فيها.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير