انتبهوا لهذا، هو يمكن قد يكون المتابِع عندي حماد بن زيد، وقد يكون عندك المتابِع هو من؟ إذن هذا يخضع لأي شيء؟ حسب الإسناد الذي كان عندك، فكلمة "متابع" ليس حماد بن سلمة مثلا دائما في هذا الطريق هو المتابَع، وإنما هذا بحسب الإسناد الأول الذي تقف عليه، فإذا كان الإسناد، يعني أنت مثلا قد تشتغل في كتاب، أخرج الحديث من طريق حماد بن سلمة، وأنا أشتغل بكتاب أخرج الحديث من طريق حماد بن زيد، فأنت عندك حماد بن زيد هو المتابِع، وأنا عندي حماد بن سلمة هو المتابِع، وهذا لا إشكال فيه، هذا أمر نسبي، لكن نبهت عليه، يعني بس فقط للانتباه.
نلاحظ في كلام ابن كثير أمرا آخر أيضا، وهو أنه قال: أو غير أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ماذا سمى ابن كثير الآن حديث الصحابي الآخر؟ ماذا سماه؟ لا، هنا سماه متابعا، ونحن في عرفنا ما هو اصطلاحنا الآن؟ إذا كان الحديث رواه صحابي آخر، ماذا نسميه؟
هذا يقولون عنه: إنه اصطلاح، ابن كثير -رحمه الله- جرى على أن الحديث إذا رواه الصحابي بلفظه، ورواه معه صحابي آخر بلفظه، فالصحابي الآخر يعتبر بالنسبة للحديث الأول، ماذا يسمى؟ متابِعا.
إذن النظر الآن إلى الصحابي، أو إلى اللفظ؟ إلى اللفظ، قال: فإن روي معناه من طريق أخرى عن صحابي آخر سمي شاهدا، شاهدا لمعناه، إذن الفرق بين المتابِع والشاهد في أي شيء الآن؟
في الصحابي وفي اللفظ والمعنى، فإذا كان الصحابي قد روى نفس اللفظ، يقول ابن كثير: نسميه متابعا، وإذا روى الحديث بالمعنى، أو روى معنى الحديث فنسميه شاهدا، وهذا اصطلاح مشى عليه البيهقي وغيره، ولكن هناك اصطلاح آخر، وهو أن العبرة بالصحابي مطلقا، سواء روى اللفظ أو روى معناه، وهذا هو الذي عليه عمل الباحثين الآن.
الباحثون الآن يسمونها متابعات إلى أن يصلوا إلى حلقة الصحابي، فيسمون ما رواه صحابي آخر، يسمونه، يسمونه شاهدا، وكما يقول ابن حجر -رحمه الله- لما شرح هذا يقول: الخطب في ذلك سهل، الخطب في ذلك سهل يعني سواء سميته هو من جهة اللغة، ومن جهة المعنى متابع، وهو شاهد أيضا، فسواء سميته متابعا، أو سميته شاهدا، وهذا من الأمثلة على أن المصطلحات إذا لم يترتب عليها عمل، فالأمر فيها واسع بحمد الله تعالى.
أشار ابن كثير -رحمه الله- إلى قضية، وهي قضية يعني قالوا: ويغتفر في باب الشواهد والمتابعات، من الرواية عن الضعيف القريب الضعف، ترى هذه عندكم، القريب الثانية عن الضعيف القريب الضعف، عندي أنا: القريب الضعيف، وهي يعني صوابها: عن الضعيف القريب الضعف، ما لا يغتفر في الأصول كما يقع في الصحيحين وغيرهما.
مثل ذلك، هذا الكلام الذي قاله ابن كثير صحيح لا إشكال فيه، وهو أن الأئمة -رحمهم الله تعالى- إذا صح الحديث عندهم، قد يتسامحون في تخريجه عن بعض من تكلم فيهم، ولم يصلوا إلى حد أن يكون الراوي متروكا، وقد أحيانا يقدمون، بل أحيانا يكون عندهم الحديث من طريق صحيح، ولكن يخرجونه من طريق فيه ضعف، وقد يلجئهم إلى ذلك ملجئ، أو يعني أنهم لسبب من الأسباب، ومن أهم أسبابه عندهم العلو.
قد يختار الإمام الطريق الذي فيه ضعف؛ لأنه عنده بإسناد عال؛ ولهذا مسلم -رحمه الله- يعني نوقش في تخريجه لبعض الضعفاء، أحد الرواة عن حفص بن ميسرة فأجاب -رحمه الله- بأنه قال: إنما أخرجته من طريقه -معنى كلامه رحمه الله-؛ لأنه أعلى إسنادا؛ لأنه بينه وبين حفص بن ميسرة شخص واحد وفيه ضعف، لو أراد طريقا فيه ثقات لنزل عن؛ ولهذا قال بعض الأئمة: ليته شد هذا الطريق، بعد أن رواه عاليا -رواه- رواه نازلا.
وهذا أمر معروف لم يبال مسلم به؛ لأن هذه النسخة معروفة عن حفص بن ميسرة، لا إشكال في ذلك، فابن كثير -رحمه الله-، وهذا أيضا يقول: يغتفر في باب المتابعات والشواهد؛ ولهذا العلماء -رحمهم الله-، مر بنا الكلام على شرط الشيخين، يمكن كان قد مر وهو أنهم، كثير من العلماء يقول: فلان إذا أراد الكلام على الإسناد يقول: رجاله رجال الصحيح.
ونبه العلماء إلى أن هذه الكلمة فيها إطلاق، وفيها إيهام؛ لأن رجال الصحيح ليسوا على درجة واحدة، بل منهم من أخرج له في الأصول، ومنهم من أخرج له في المتابعات، ومنهم من أخرج له مقرونا، ومنهم من أخرج له في الشواهد، فليسوا على درجة واحدة، بل أحيانا في الصحيح يأتي الراوي ولم يقصد البخاري أو مسلم التخريج له، وإنما مسلم روى إسنادا فيه جماعة ومنهم هذا الضعيف، فذكره مسلم، يعني هكذا؛ لأنه رواه هكذا، ولم يرد التخريج له، لكن الآن الكلام على كلمة ابن كثير -رحمه الله- قال: الكلام صحيح يغتفر في باب المتابعات والشواهد ما لا يغتفر في الأصول.
ولهذا عند الكلام على شرط الشيخين، إذا قال الباحث أو الناقد: إن هذا الإسناد على شرط الشيخين، يطبق عليه أن ينظر في رواته، كيف أخرج لهما صاحبا الصحيح؟ هل أخرج لهما في الأصول؟ أو أخرج لهما في المتابعات أو الشواهد؟ وهذا باب يعني واسع، ويعني كثير ما يزل فيه الباحثون بالنسبة لدعوى شرط الشيخين، أو بالنسبة يعني في هذا المصطلح بخصوصه، وقد تأتي مناسبة يعني يشرح هذا الشرط. نعم، تفضل يا شيخ، النوع السادس عشر.
¥