حِبَّانَ فِي آخِره " بَرِيرَة وَنُوبَة " بِضَمِّ النُّون وَسُكُون الْوَاو ثُمَّ مُوَحَّدَة ضَبَطَهُ اِبْن مَاكُولَا وَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَة، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ اِسْم عَبْد أَوْ أَمَة، فَجَزْم سَيْف فِي الْفُتُوح بِأَنَّهُ عَبْد، وَعِنْد اِبْن سَعْد مِنْ وَجْه آخَر " الْفَضْل وَثَوْبَان " وَجَمَعُوا بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات عَلَى تَقْدِير ثُبُوتهَا بِأَنَّ خُرُوجه تَعَدَّدَ فَيَتَعَدَّد مَنْ اِتَّكَأَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ: تَنَاوَبُوا فِي صَلَاة وَاحِدَة.
وقد تعدد هذا الموقف، فربما نسيت أم المؤمنين من هو الرجل الثاني:
وقال ابن جر بعد الحديث التالي:
624 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا قَالَتْ
لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنْ الْوَجَعِ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ قِيلَ لِلْأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ بَعْضَهُ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.
قَوْله: (بَيْن رَجُلَيْنِ)
فِي الْحَدِيث الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيْ الْبَاب أَنَّهُمَا الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمِثْله فِي رِوَايَة مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَاصِم الْمَذْكُورَة " وَجَدَ خِفَّة مِنْ نَفْسه فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ " وَيُجْمَع كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْت إِلَى الْمَسْجِد بَيْنَ هَذَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَام الصَّلَاة بَيْنَ الْعَبَّاس وَعَلِيّ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّد، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَة بْن زَيْد وَالْفَضْل بْن الْعَبَّاس. وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِم أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْل بْن الْعَبَّاس وَعَلِيّ فَذَاكَ فِي حَال مَجِيئِهِ إِلَى بَيْت عَائِشَة.
ومن جهة ثالثة إذا افترضنا أن عائشة أم المؤمنين لم تذكر اسم علي رضي الله عنه لقضبها منه بسبب موقفه من حادثة الإفك، لنفرض، وأظن الأمر بعيد بعض الشيء؛ فيطيب لي أن أذكر أمرا يبين طبيعة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله فيما يلي:
فقد ورد في صحيح البخاري:
4827 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.
فهذا تصرفها رضي الله عنها إذا قضبت، أما أن تقصد أن تهضم حق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب فلا، والدليل ما سبق ذكره، والموقف كان شديدا، لو تفكر المتفكر فمن سيذكر كل شيء وخصوصا مثل الذي يدور عليه الموضوع، وخصوصا زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم المحبة رضي الله عنها.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[02 - 05 - 08, 07:26 م]ـ
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فجزاكم الله خيرا وجعل ذلك فى ميزان الحسنات ان شاء الله
والحمد لله رب العالمين
¥