ـ[سمير السكندرى]ــــــــ[05 - 05 - 08, 06:16 ص]ـ
2 - صحيح مسلم
وصحيحُ الإمام مسلم يلي صحيحَ البخاري في الصحة، وقد اعتنى مسلمٌ - رحمه الله - بترتيبه، فقام بجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد فأثبتها في موضع واحد، ولَم يُكرِّر شيئاً منها في مواضع أخرى، إلاَّ في أحاديث قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ولَم يضع لكتابه أبواباً، وهو في حكم المُبوَّب؛ لجمعه الأحاديث في الموضوع الواحد في موضع واحد.
ومِمَّا تَميّز به صحيح الإمام مسلم إثبات الأحاديث بأسانيدها ومتونها كما هي من غير تقطيع أو رواية بمعنى، مع المحافظة على ألفاظ الرواة، وبيان مَن يكون له اللفظ منهم، ومن عبَّر منهم بلفظ حدثنا، وبلفظ أخبرنا، وقد أثنى الحافظُ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في كتابه "تهذيب التهذيب" على حُسن عنايته في وضع صحيحه، فقال: ((قلت: حصل لمسلم في كتابه حظٌّ عظيم مفرط لَم يحصل لأحد مثله، بحيث إنَّ بعضَ الناس كان يُفضِّله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لِمَا اختَصَّ به من جَمع الطرق وجَودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي، من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نهج على منواله خَلقٌ من النيسابوريين فلم يبلغوا شَأْوَه، وحفظت منهم أكثرَ مِن عشرين إماماً مِمَّن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب)).
وقد قام الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله بالعناية بإخراج صحيح مسلم ووضع فهارس له متعددة مفصلة، وطُبع الكتاب بعمله هذا في أربعة مجلدات أَثبت فيها تراجم الأبواب التي وضعها الإمام النووي - رحمه الله - وهي ليست من عمل مسلم، كما قام بترقيم الأحاديث الأصلية فيه فبلغت (3033) حديثٍ، وبلغ مجموع كتب صحيح مسلم أربعة وخمسين كتاباً، ووضع الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي مجلداً خامساً مشتملاً على الفهارس المتنوعة المفصلة لصحيح مسلم رحمه الله، وأعلى الأسانيد في صحيح مسلم الرباعيات.
ـ[سمير السكندرى]ــــــــ[05 - 05 - 08, 06:17 ص]ـ
3 - سنن أبي داود
كتاب السنن لأبي داود كتابٌ ذو شأن عظيم، عُنِيَ فيه مؤلِّفه بجمع أحاديث الأحكام وترتيبها وإيرادها تحت تراجم أبواب تَدلُّ على فقهه وتَمَكُّنه في الرواية والدراية، قال فيه أبو سليمان الخطابي في أول كتاب "معالم السنن": ((وقد جَمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدِّماً سبقه إليه ولا متأخراً لحقه فيه)).
وللحافظ المنذري تهذيب لسنن أبي داود وللإمام ابن القيم تعليقات على هذا التهذيب، وقد وصف ابن القيم - رحمه الله - "سنن أبي داود" و"تهذيب" المنذري وما علقه عليه فقال: ((ولَمَّا كان كتاب السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني
- رحمه الله - من الإسلام بالموضع الذي خصَّه الله به، بحيث صار حكماً بين أهل الإسلام، وفصلاً في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبِحُكمه يرضى المحققون، فإنَّه جمع شَملَ أحاديث الأحكام، ورتَّبها أحسن ترتيب، ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، واطّراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء، وكان الإمام العلامة الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري
- رحمه الله تعالى - قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزوِ أحاديثه وإيضاح علَله وتقريبه، فأحسن حتَّى لَم يكد يدع للإحسان موضعاً، وسبق حتى جاء من خلفه له تبعاً: جعلت كتابه من أفضل الزاد، واتخذته ذخيرة ليوم المعاد. فهذَّبتُه نحو ما هذَّب هو به الأصل، وزِدتُّ عليه من الكلام على عِلَل سكت عنها أو لَم يُكملها، والتعرض إلى تصحيح أحاديث لم يصححها، والكلام على متون مشكلة لم يفتح مُقفلَها، وزيادة أحاديث صالحة في الباب لَم يشر إليها، وبسطت الكلام على مواضع جليلة، لعلَّ الناظرَ المجتهد لا يجدها في كتاب سواه)).
وكتاب سنن أبي داود مقدَّمٌ على غيره من كتب السنن الأخرى، وقد بلغ مجموع كتبه خمسة وثلاثين كتاباً، وبلغ مجموع أحاديثه (5274) حديث.
وأعلى الأسانيد في سنن أبي داود الرباعيات وهي التي يكون بينه وبين رسول الله فيها أربعة أشخاص. ولسنن أبي داود عدة شروح من أشهرها عون المعبود لأبي الطيب شمس الحق العظيم آبادي.
ـ[سمير السكندرى]ــــــــ[05 - 05 - 08, 06:23 ص]ـ
4 - سنن النسائي
صنَّف الإمامُ النسائي - عليه رحمة الله - في السنن كتابين هما؛ السنن الكبرى، والصغرى التي اختصرها منها، ويُقال لها المجتبى أي: المختارة من الكبرى، والسنن الصغرى هي التي لقيت عنايةً خاصة من العلماء، وهي التي اعتُبِرَت أحد الكتب الحديثية الستة، وهو كتاب عظيم القدر، كثير الأبواب، وتراجم أبوابه تدل على فقه مؤلفه، بل إنَّ منها ما تظهر فيه دقَّةُ الإمام النسائي في الاستنباط، ومن أمثلة
ذلك: قوله في أوائل كتاب الطهارة: ((الرخصة في السِّواك بالعشي للصائم))، وهي مسألة للعلماء فيها قولان: أحدهما: منع الاستياك بعد الزوال، قالوا: لأنَّه يُذهب الخُلُوف الوارد في قوله: ((لَخُلُوف فمِ الصائم أَطيَبُ عند الله مِن ريحِ المسك))، والقول الثاني: الجواز لدخوله تحت عموم قوله: ((لولا أن أَشُقَّ على أُمَّتي لأمرتُهم بالسِّواك عند كل صلاة))، وقد أورد النسائي هذا الحديث تحت هذه الترجمة، وهو أرجح القولين في المسألة لدلالة الحديث على ذلك، قال السِّندي في حاشيته على السنن مُنَوِّهاً بدقة الإمام النسائي قال: ((ومنه يؤخذ ما ذكره المصنف من الترجمة، ولا يخفى أنَّ هذا من المصنف استنباط دقيق وتيقظ عجيب، فللَّه درُّه ما أدقَّ وأحدَّ فهمه)).
وأعلى الأسانيد في سنن النسائي الرباعيات، وقد
بلغ مجموع كتبه واحداً وخمسين كتاباً وبلغت أحاديثه ((5774)) حديثٍ، وأحسن طبعات هذا الكتاب الطبعة التي حققها ورقمها ووضع فهارسها مكتب تحقيق التراث الإسلامي - دار المعرفة بيروت، فإنَّه عند كل حديث يذكر رقمه، وأرقام مواضعه الأخرى عند النسائي، ويذكر تخريج بقية أصحاب الكتب الستة، وأرقام الحديث عندهم، ورقمه في تحفة الأشراف.
¥