فهذا يدل على أن هذه العبارة من البخاري فيمن هو في موضع تأمُّل وتوقُّف عنده، فهي عبارة احتراز عن قبول حديث الراوي والاحتجاج به، أو الاعتبار به، ولكونِها توقفاً عن القبول، فهي في جملة ألفاظ الجرح، وإن لم يقصد البخاري إلحاق الجرح بمن أطلقها عليه.
وأكثر ما يقال: هي من عبارات الجرح المجملة، يبحث عن تفسيرها في كلام سائر النقاد في ذلك الراوي.
وإذا عرف هذا في دلالة هذا اللفظ، تبين المراد بقوله أيضاً: (في حديثه نظر)، فالمعنى فيه غير خارج عما ذكرت من توقف البخاري في قبول حديث ذلك الراوي، أو إسناده، تارة بسببه، وتارة من جهة علة دونه في الإسناد، لا يقضى معها بقبول خبره، أو بالدلالة على أمره في إدخاله في جملة رواة العلم.
ومثال ما كان مورد النظر بسببه، قول البخاري في (إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر البجلي): " في حديثه نظر " (1502)، وهو معروف بالضَّعْف.
وما كان النظر من جهة الإسناد الذي رواه، قوله في (إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي): " في حديثه نظر " (1503).
إذ حديثه هذا الذي يشير إليه البخاري رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن أبي الأشعث الكندي، قال: حدثني إسماعيل بن إياس بن عفيف، عن أبيه، عن جده عفيف، في قصة.
وابن الأشعث فيه مجهول، وإياس أبو إسماعيل قال فيه البخاري أيضاً: " فيه نظر " (1504) ولم يرو عنه غير ابنه (1505).
وما نسبه الذهبي إلى البخاري أنه قال: " إذا قلت: فلان في حديثه نظر، فهو واه متهم " (1506)، فهذا لم أقف عليه مسنداً إلى البخاري في شيء، ولا يدل عليه ما وقفنا عليه من استعمال البخاري.
وأما قول البخاري: (في إسناده نَظَر) فتوقُّفٌ منه في ثبوت إسناد معَّين جاء من رواية المذكور، إذ أكثر ما أتت هذه العبارة في كلامه، عقبَ حديث أو أثر يذكره في ترجمة الراوي، فالهاء في قوله (إسناده) لا تعود على الراوي، إنما تعود على الرواية المذكورة.
ومن أدل علامة عليه، قوله في ترجمة (أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي): قال لنا مسددٌ: عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النُّكري، عن أبي الجوزاء، قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة، ليس من القرآن آية إلا سألتْهُم عنها. قال البخاري: " في إسناده نظر " (1507).
لت: فهذا ليس حُكماً على أبي الجوزاء، فإنه ثقة معروف، وإنما هو توقُّفٌ من البخاري في إثبات هذا الخبر عنه، والمفيد اتِّصال ما بينه وبين ابن عباس وعائشة، وربما من أجل كونه من رواية جعفر بن سليمان الضبعي، وهو عند البخاري " يخالف في بعض حديثه " (1508).
قلت: وعلى هذا الذي بيَّنْت عن استعمال البخاري يقع استعمال غيره، إلا أن تقوم قرينةٌ على إرادة معنى مخصوص.
ـ[القتادي]ــــــــ[01 - 06 - 08, 09:42 م]ـ
(وقع في كتاب الكامل لابن عدي ما يأتي: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا جعفر بن أحمد بن نجيح ثنا أبو غسان ثنا عمرو بن قيس بن يسير بن عمرو أنه كسا أو يسا القرني ثوبين رآه عاريا فقبلهما منه.
قال الدكتور:كذا فيه ويظهر سقط منه عن أبيه عن جده فيظهر أن في الرواية خلل ما وقيس مجهول
وعمرو ابنه ضعيف جدا قال عنه ابن معين لاشيء والله أعلم بالحال.)
قلت: والجواب ما يلي:
1 - ما قاله الدكتور عن أن هناك سقط فيه وجاهة وقوة
والنسخة المطبوعة سقيمة جدا والصواب عن أبيه عن جده وهي نفس الرواية السابقة عن أبيه عن جده
ولعلي أراجع أصل المخطوط للتأكد من هذه الرواية
قلت: وقد راجعت مخطوط الكامل لابن عدي وو جدت أن ما في المطبوع موافق لما في المخطوط
وبذلك نبقى على الأصل حتى يتبين خلافه والله أعلم
قال الدكتور: العلة الرابعة: طعن كبار الأئمة في أصل القصة وإنكارهم لها
ثم ذكر الدكتور رواية عمرو بن مرة
أبو داود حدثنا شعبة قال سألت عمرو بن مرة قلت أخبرني عن أويس القرني تعرفونه فيكم قال لا.
الجواب:
عمرو بن مرة لم ينف الوجود وإنما نفى المعرفة وقد يكون محقا لأن الرجل كان زاهدا لايحب الظهور
وقبيلة مراد ربما تكون قبيلة كبيرة وعدم المعرفة لايعني عدم الوجود ومن عرف حجة على من لم يعرف والمثبت مقدم على النافي
في تاريخ دمشق:إن لم يعرفه عمرو بن مرة فقد عرفه غيره وأمر أويس مشهور فلا معنى لهذا القول
قال الذهبي:قال البخاري.
يمانى مرادى، في إسناده نظر فيما يرويه.
وقال البخاري أيضا في الضعفاء: في إسناده نظر، يروى عن أويس في إسناد ذلك.
قلت: هذه عبارته، يريد أن الحديث الذى روى عن أويس في الاسناد إلى أويس
نظر، ولولا أن البخاري ذكر أويسا في الضعفاء لما ذكرته أصلا، فإنه من أولياء الله الصادقين، وما روى الرجل شيئا فيضعف أو يوثق من أجله.
وقال أبو داود: حدثنا شعبة: قلت لعمرو بن مرة: أخبرني عن أويس هل تعرفونه فيكم؟ قال: لا.
قلت: إنما سأل عمرا، لانه مرادى هل تعرف نسبه فيكم؟ فلم يعرف، ولولا الحديث الذى رواه مسلم ونحوه في فضل أويس لما عرف، لانه عبد لله تقى خفى، وما روى شيئا، فكيف يعرفه عمرو، وليس من لم يعرف حجة على من عرف.
ميزان الاعتدال
قال شيخ الإسلام:
وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أويسا القرني وقال لعمر إن
ستطعت أن يستغفر لك فافعل.
وسيأتينا كلام الحسن البصري في أويس القرني إن شاء الله
¥