تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تفريغ شرح البيقونية للشيخ عبد الكريم الخضير]

ـ[أبو عبد الوهاب الجزائري]ــــــــ[08 - 05 - 08, 06:20 م]ـ

شرح المنظومة البيقونية

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الدرس الأول

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلا يخفى على أحد أهمية العلم الشرعي، وأن مداره على الكتاب والسنة.

العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولوا العرفانِ

فالأمة المحمدية أمة نص وإتباع، ولا يمكن أن يؤخذ العلم إلا من هذين المصدرين، فلا مسلك لنا، ولا وسيلة لتحصيل العلم إلا عن طريق الكتاب والسنة، فطالب العلم بأمس الحاجة إلى معرفة هذين الوحيين، وما يخدمهما، وما يعين على فهمهما، القرآن العظيم كلام الله -جل وعلا- ثابت ثبوتاً قطعياً، غير قابل للزيادة والنقصان، محفوظ، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر].

وأما السنة: وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع لهذه الأمة، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد بقوله، ويعول على كلامه من أهل العلم، خالف في ذلك بعض طوائف البدع الذين لا يرون الاحتجاج بالسنة، وإنما يكتفون بالقرآن، والمراد بالسنة: ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، جميع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، المسلم ملزم بإتباعه، والعمل به، وليست له مندوحة في أن يختار غير هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكل عمل شرعي يشترط لقبوله بعد الإخلاص لله -جل وعلا- متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من العناية بالسنة النبوية، لكن العناية بما ثبت منها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكيف نعرف الثابت من غيره؟ لا بد أن نعرف القواعد والضوابط التي استنبطها أهل العلم ليتوصل بها إلى معرفة المقبول من المردود، وذلك في علم مصطلح الحديث.

فهو علمٌ بأصول وقواعد يعرف بها الصحيح من الضعيف، المقبول من المردود، مما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولسنا بصدد الكلام والإفاضة فيما ألف في هذا العلم، فالتأليف فيه قديم، يوجد أو توجد قواعد أهل العلم في كتب المتقدمين، وإن لم تدون في مصنف مستقل، توجد في سؤالات الأمة، بل وجد أصل بعض فنون هذا العلم من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالجرح والتعديل، والكلام في الرجال حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((بئس أخو العشيرة))، وهذا أصل في الجرح، لكن على ما سيأتي في بابه، لا ينبغي أن يكون هذا الأصل مدخلاً لبعض من يتفكه بأعراض الناس، بل على الإنسان أن يحتاط لنفسه، وأن يحافظ على ما اكتسبه من حسنات، ولا يأتي يوم القيامة مفلساً، كما جاء في الحديث الصحيح، فالجرح والتعديل واجب، لكن بقدر الحاجة، فإن احتيج إلى ذلك تعين، حفظاً للدين، وصيانة للشريعة المكرمة أوجب أهل العلم الكلام في الرواة، وليعلم طالب أن أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، كما يقول ابن دقيق العيد، وجاء في النصوص القطعية ما يقتضي تحريم الكذب في أعراض الناس، مع الأسف الشديد أن يوجد بعض من يتكلم حتى في أعراض خيار الأمة، من المتقدمين والمتأخرين، لم يسلم منه أحد، فهذا المسكين لا يدري أنه قد يتعب على تحصيل الحسنات، ثم يفرقها، شعر أولم يشعر، كما جاء في الحديث الصحيح: ((أتدرون من المفلس؟)) قلنا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال: ((المفلس من يأتي بأعمال)) وفي بعض الروايات: ((كأمثال الجبال، يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، ثم يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته أخذ من سيآتهم فألقيت عليه، فطرح في النار)) يأتي يفني عمره، ويقضي وقته في طلب العلم، ثم بعد ذلك يأتي مفلساً يوم القيامة، هذه هي الخسارة، هذا الذي خسر نفسه يوم القيامة، وهذه هي الخسارة الحقيقية، وهذا هو الفلس الحقيقي، وإن كان الفلس أيضاً يطلق في أمور الدنيا: على من لا درهم له ولا متاع، وحقيقته أيضاً شرعية في باب الحجر والتفليس المفلس: من لا درهم له ولا متاع، أو عنده درهم ومتاع، لكن لا يفي بديونه، هذه حقيقة شرعية، لكن الحقيقة التي ينبغي أن نتنبه لها ما أشار إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((أتدرون من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير