تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على درجة الحديث، بعد ذلك قد لا تكفي درجة الحديث، بل لا بد أن تبين بالأسلوب الذي يفهمه السامع، هل تمكن نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو لا تمكن؟

والكذب المختلق المصنوعُ ... على النبي فذلك الموضوعُ

هذا هو الحديث الموضوع المختلق المفترى الملصق المنسوب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- زوراً وبهتاناً، ويعرف الكذب بأمور كثيرة، وعلامات يستدل بها أهل العلم، والأمور الحاملة للرواة على الكذب معروفة، والواضعون أصناف وأجناس، لكن أضرهم قوم ينتسبون إلى الزهد والورع والعبادة، يضعون ويكذبون على النبي -عليه الصلاة والسلام- أحاديث في الترغيب والترهيب، يظنون أنهم يردون بذلك الناس إلى الدين، فتقبل منهم ثقة بهم، يقبلها الناس، أضر هؤلاء الوضاعين، نعم، هؤلاء الذين ظاهرهم الصلاح؛ لأن الناس يثقون بهم، أما الزنديق والفاسق والفاجر والمعلن بفسقه وفجوره هذا ما يمكن يمشي خبره، ولذلكم ترون أكثر ما يضر الدين زلة عالم، أو اجتهاد مجتهد ليس من أهل الاجتهاد، ممن ينتسب إلى الدين، أما ما يقال عن الدين من غير أهله من كفار أو منافقين أو زنادقة أو ملاحدة هذا ما يؤثر، مثل ما يؤثر الكلام في الدين ممن ينتسب إليه وظاهره الصلاح، فهؤلاء الزهاد الذين وضعوا أحاديث حسبة، يحتسبون الأجر من الله -جل وعلا-، وضعوا في فضائل القرآن؛ لأنهم رأوا الناس انصرفوا عن القرآن، انصرفوا إلى فقه أبي حنفية ومغازي أبي إسحاق وكذا وكذا، فأراد أن يردهم إلى قراءة القرآن فوضع أحاديث، هذا الدين ليس بحاجة إلى مثل هذا الترويج، الدين كامل في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيما صح من النصوص غنية، فيما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يغنينا من أن نحتاج إلى مثل هذا، فمنهم من يبرر ويقول: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من كذب عليّ)) ويزعم أنه ما كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما كذب له، هذا ضلال، نسأل الله العافية، إيش معنى كذب له وكذب عليه؟ هو كله كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بعض المفسرين يذكر الخبر الموضوع المنسوب إلى أُبي في فضائل السور، منهم من يذكره جملة، ومنهم من يذكره في صدر كل سورة؛ لأنه مر على السور كلها، من قرأ كذا فله كذا، ومن قرأ كذا فله كذا، يضعون في مقدمة كل سورة، ومنهم من يضعه في آخر كل سورة، لا ينتقدونه بشيء، كالواحدي والزمخشري، وكثير من أهل العلم الذين لا عناية لهم بالحديث، وضعوا هذا الخبر، لكن من أضرهم وأشدهم صاحب روح البيان، تفسير روح البيان، اسمه: إسماعيل حقي البروسوي، يعني متوفى من مائة وخمسين سنة، أو مائتين سنة يمكن، لا أكثر يمكن مائتين وخمسين سنة الظاهر، المقصود أن هذا يروي هذه الأحاديث ويبرر روايته لها بقوله يقول: إن ثبتت بها ونعمت، وإن لم تثبت قد قال السابق: ما كذبنا عليه، وإنما كذبنا له، يعني يستدل بقول أفاك، يستدل بقول وضاع، هذا التبرير غير مقبول أبداً، ومن يورد هذه الأحاديث ولا يبين درجتها، ويحذر منها فهو شريك لواضعها ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) الموضوعات فيها كتب من أهمها الموضوعات لابن الجوزي الذي ذكرناه، واللآليء المصنوعة للسيوطي، لكن ابن الجوزي تساهل على بعض الأحاديث في الحكم عليها بالوضع، تساهل، حكم على أحاديث ضعيفة لا تصل إلى درجة الوضع، وحكم على بعض الأحاديث الحسنة، بل حكم على بعض الأحاديث الصحيحة، هذا قليل نادر، لكنه موجود، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وأكثر الجامع فيه إذ خرج ... لمطلق الضعف عنى أبا الفرج

يعني ابن الجوزي، أورد بعض الأحاديث الضعيفة في كتابه الموضوعات، بل أورد حديث في صحيح مسلم وحديث في صحيح البخاري من رواية حماد بن شاكر، أورد تسعة أحاديث في المسند، أورد من سنن أبي داود وغيره، المقصود أن مثل هذا يضر القارئ، يعني إدخال أحاديث صحيحة أو حسنة أو ضعيفة في الموضوعات يضر بالقارئ، نضير الضرر الحاصل من حكم الحاكم بالصحة لأحاديث ضعيفة، بل واهية، بل موضوعة، فعندنا الحاكم صاحب المستدرك، وعندنا ابن الجوزي في الموضوعات على طرفي نقيض، وعمل كل منهما بالغ الضرر، الحاكم حكم على بعض الأحاديث بالصحة، وفيها ما هو موضوع، وشديد الضعف، وواهي، هذا يغرر القارئ بأن يعمل بهذه الأحاديث الضعيفة، وعمل ابن الجوزي على النقيض، يجعل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير