تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المأمون قد يخطئ، ومالك نجم السنن ضبط عليه أوهام، وشيخ الإسلام يقول: "قد يوجد الخطأ حتى من بعض الصحابة" وروى بعض الصحابة ما هو مرجوح.

وبالصحيح والضعيف قصدوا ... في ظاهر لا القطع والمعتمدُإمساكنا عن حكمنا على سند ... بأنه أصح مطلقاً وقد

إلى آخره.

فأحكامنا مبنية على الظاهر، والحكم للغالب عند أهل العلم، لكن قد يقول قائل: أنا عندي سند، وش يدريني أن مالك ضبط وإلا ما ضبط؟ أنا عندي مالك ثقة، وخبره صحيح، نقول: تعيش لها جهابذة، الذين دونوا هذه الأخطاء، ونبهوا على هذه الأوهام، يعني لو أن الله وكل العلم إلينا، وإلى قدراتنا لضاع، لكن هناك أئمة لمن يخطأ بالمرصاد، علل لا تخطر على البال، ومع ذلك بينوها، وهذا من حفظ الدين الذي تكفل الله بحفظه وبقائه إلى قيام الساعة؛ لأن الإنسان قد يسمع مثل هذا الكلام يقول: وشلون أننا نطالب بالحكم على السند والسند ما فيه احتمال أن هذا الراوي الثقة العدل الضابط يخطأ؟ نقول: في احتمال يخطأ، طيب من يبين لنا أخطاءنا؟ تعيش لها الجهابذة، العلماء ما فرطوا في شيء، ولذلك يضبطون أوهام الثقات، ويضبطون ما ينكر على فلان، وضبطوا ما أخطأ فيه فلان، ما تركوا شيء، ويبقى أن الطالب، طالب العلم يُمَرن على هذه القواعد تمرين، نعم، يمرن على هذه القواعد تمرين، وإلا فالعدل الضابط الثقة قد تجد سند كالشمس صحته، ما فيه أدنى إشكال، كلهم أئمة حفاظ، وتجد فيه وهم، وَهِم واحد منهم، أخطأ، لكن إذا سُلْسِل الخبر بالحفاظ، قد يجزم الإنسان ويقطع أنه ما فيه خطأ، نعم؛ لأن الوهم إذا قلنا مثلاً: أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، إذا أخطأ نافع لن يوافقه مالك عليه، نعم لو أخطأ مالك وضبط عليه بعض الأخطاء لن يوافق عليه من بعده من الأئمة، فاجتماع الأئمة .. ، يقولون: المسلسل بالحفاظ المتقنين يكاد يقطع بأنه ثابت، ولو أَوْردنا هذا الاحتمال أنهم ما هم معصومين، نعم الواحد ما هو معصوم، لكن موافقة الثاني عليه بخلاف ما إذا روي بإسناد صحيح لم يبلغوا إلى هذه الدرجة، نعم فعندنا الخطأ وارد، نعم، ابن عباس روى حديث زواج النبي -عليه الصلاة والسلام- بميمونة في الصحيح، وقال: إنه تزوجها وهو محرم، خُرج في البخاري، هل معنى هذا أن هذا الكلام هو الواقع؟ ميمونة قالت: تزوجها وهو حلال، وأبو رافع السفير بينهما يقول: تزوجها وهو حلال، فلا يعني أن هذا .. ، هذا صحيح إلى ابن عباس، كلهم يرونه من قول ابن عباس، لكن ابن عباس أخطأ في هذا، وش المانع؟ لأنه ليس بمعصوم، وتعيش له الجهابذة، الترجيح والقواعد موجودة، قواعد الترجيح، رجحنا خبر ميمونة؛ لأنها صاحبة الشأن، ورجحنا خبر أبي رافع؛ لأنه السفير بينهما، ولذلك يقول الحافظ العراقي:

وبالصحيح والضعيف قصدوا ... في ظاهر لا القطع والمعتمدُ

إلى آخر ما قال -رحمة الله تعالى-، كله من أجل أن الرواة ما يحكم لهم بالعصمة، قد يخطئون، وهم حفاظ ثقات أثبات، وكذلك إذا روى الضعيف نعم قد يضبط الضعيف، يكون حديث يهمه شأنه، ومن عادته يخطأ، لكن هو بحاجة إلى الحديث ضبطه وأتقنه وأداه، نعم يحكم له العلماء بأنه ثابت، ويعملون به، وإن كان راويه في الأصل ضعيفاً؛ لأنه نعم غالب ما يروي مردود، يبقى أن هذا الخبر الذي وافق فيه .. ، كيف نعرف أن هذا الضعيف ضبط؟ نعرفه بعرض روايته على رواية الثقات الأثبات، فنصحح خبره؛ لأنه وافق الثقات؛ لأن سيء الحفظ قد يحفظ، وغير العدل قد يصدق، والكذوب قد يصدق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن الشيطان: ((صدقك وهو كذوب)) إذاً لا نقطع بأن هذا الضعيف لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا نقطع به نرده؛ لأننا مطالبين بالحكم على الظاهر، أما حقيقة الأمر فالله أعلم، ويبقى أن الدين دين حكم على الظاهر، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا بشر فلعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع)) فما علينا إلا الحكم بالظاهر، والقواعد الشرعية المتبعة، والطرائق المسلوكة، ورتب عليها الثواب والأجر على هذه الوسائل الشرعية المرعية في الشرع، كونه يصيب إذا أصاب له أجران، إذا أخطأ له أجر واحد على الاجتهاد، لكن لا بد أن يكون الهدف نصر الحق، لا يكون الباعث على ذلك الهوى، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير