تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الضعف قابل للإنجبار، فترتقي إلى درجة الحسن لغيره، ومنها ما تكون أقل من ذلك فتصح بمجموع طرقها، وهكذا العزيز بمجيئه من طريق آخر يتقوى، والغريب سيأتي الكلام فيه، يقول:

معنعن كعن سعيد عن كرم ... ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم

الآن تكلم عن العزيز، وتكلم عن المشهور، وأخّر الكلام عن الغريب، وسبق أن تكلم عن المرفوع وعن المقطوع وأخر الكلام عن الموقوف، وهذا مثل ما قلنا في البداية: إن ترتيبها ليس على الوجه المناسب، وإنما هي هكذا جاءت، ونظراً لاختصارها، وقلت أبياتها، وإمكان الاحاطة بأولها مع آخرها في آن واحد يتجاوز عن مسألة الترتيب الدقيق، لكن لو كانت منظومة كبيرة بحيث إذا نظر في هذا الباب ويحتاج في الباب الذي قبله والذي بعده إلى عناء ومراجعة، قلنا: لا بد إلى إعادة ترتيبها.

هنا يقول: "معنعن كعن سعيد عن كرم" معنعن، السند المعنعن: ما تكون فيه صيغة الأداء (عن) هذا السند المعنعن، سعيد عن كرم هذا مثال، يقول الإمام البخاري: حدثنا الحميدي قال: حديثنا سفيان عن يحيى بن سعيد هذا معنعن، السند المعنعن عند أهل العلم محمول على الاتصال عند الأكثر، محمول على الاتصال بشرطين: الشرط الأول: أن لا يكون الراوي موصوف بالتدليس؛ لأنه إذا كان موصوفاً بالتدليس لا تحمل عنعنته على الاتصال حتى يصرح بالتحديث، لاسيما إذا كان المدلس من المرتبة الثالثة فما دونها، أما المرتبة الأولى من مراتب المدلسين والثانية يحتمل الأئمة تدليسهم، إما لإمامتهم، أو لقلة ما دلسوا في جانب ما رووا، المدلس من الطبقة الثالثة لا بد أن يصرح عند أهل العلم، فإذا سلم الراوي من وصمة التدليس، وعلم لقاؤه لمن روى عنه على قول، أو معاصرته له، حملت على الاتصال.

وصححوا وصل معنعن سلم ... من دلسة راويه واللقا علم

فالسند المعنعن محمول على الاتصال عند أهل العلم بالشرطين المعروفين، والخلاف في اشتراط اللقاء، أو الاكتفاء بالمعاصرة، قول معروف عند أهل العلم، منهم من يشترط اللقاء، ومنهم من لا يكتفي بمجرد اللقاء، بل يعرف بطول الصحبة، ومنهم من يشترط أن يدركه إدراكاً بيناً، لكن إذا ثبت أنه لقيه ولو مرة واحدة، والمسألة مفترضة في ثقة لا يدلس حمل حديثه ........ على الاتصال، والخلاف في السند المعنعن والاكتفاء بالمعاصرة أو اشترط اللقاء معروف، ألف فيه الكتب، لابن رشيد وهو إمام في هذا الشأن كتاب اسمه: (السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن) فالمستفيض عند أهل العلم، والمشهور عندهم نقل اشتراط اللقاء عن الإمام البخاري وعن شيخه علي بن المديني، ومسلم -رحمه الله تعالى- قرر في مقدمة الصحيح الاكتفاء بالمعاصرة، وشنع وشدد، ورد على من اشترط اللقاء، وقال: إنه قول مخترع مبتدع، الهدف منه رد السنن، وذكر ثلاثة أحاديث لا تروى إلا معنعنة، ولم يثبت لقاء ينقل أنه لقي أحدهما الأخر، على كل حال هذه الأحاديث الثلاثة هو خرجها بالتصريح بصيغة حدثنا، فكون الإمام مسلم يشدد هذا رأيه، أما كونه يقصد البخاري فلا يلزم، لا يلزم أن يكون المردود عليه البخاري في مقدمة مسلم، ولا يلزم أن يكون علي بن المديني، أبداً، إنما المردود عليه مبتدع، يريد أن يستغل احتياط الإمام البخاري في نصر مذهبه، الذي يقتضي رد السنة، نظير ما قلنا في ردنا على المعتزلة، الذين يردون أخبار الآحاد، ويستندون لقول عمر، يعني احتياط عمر محل تقدير، وكل مسلم عليه أن يحتاط للسنة، واحتياط البخاري أيضاً موضع تقدير، فيجب على كل طالب علم أن يحتاط للسنة، لكن استغلال هذا الاحتياط، وتصيد مثل هذا في نصر البدع هو الذي يرد عليه، وأنتم تجدون في أناس وضفوا أنفسهم لتصيد الزلات، فتجدهم يكتبون وينشرون ويبثون لمجرد أن فلان زل في فتواه، أو من باب الاحتياط فيلزمونه بإلزامات يستفيدون منها في تأييد مذاهبهم، فإذا رد الإمام مسلم على هذا المبتدع الذي يريد أن يوجه كلام البخاري، أو علي بن المديني لرد السنة، ورددنا على هذا المبتدع أو رد عليه مسلم فإننا لا نرد على البخاري، ولا نريد على مسلم، نظير ما قلنا سابقاً في أننا إذا رددنا على المعتزلة ما نرد على عمر، ما نرد على عمر؛ لأن القصد واضح، وبعض الناس يستبعد أن يقول البخاري باشتراط اللقاء، ويخفى على مسلم، نقول: ما خفي على مسلم، مسلم يعرف شيخه، ويعرف احتياط شيخه،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير