حماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة البصري. من شيوخه: ثابت البناني، وعاصم الأحول، ومن تلاميذه: إبراهيم السَّامي، ووكيع. ثقة، فاضل، وثقه ابن معين، والنسائي، وابن سعد، والساجي، والعجلي، وغيرهم. وروى له الجماعة ماخلا البخاري علق له حديثا واحدا، مات سنة سبع وستين ومئة ().
مسألة سماعه من عطاء بن السائب
اختلف في سماعه من عطاء على قولين:
القول الأول: أنه سمع من عطاء قديماً قبل اختلاطه وأن أحاديثه عنه مستقيمة، قال يحيى بن معين وحديث شعبة وسفيان وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم () وقال ابن عبد البر قال يحيى بن معين رواية حماد بن سلمه عن عطاء بن السائب صحيحة، لأنه سمع منه قبل أن يتغير () وقال يعقوب بن سفيان هو ثقة حجة وما روى عنه سفيان وشعبة وحماد بن سلمة سماع هؤلاء سماع قديم ().
وقال ابن الكيال: وقد استثنى الجمهور رواية حماد بن سلمة عنه أيضا قاله ابن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة الكناني () وذكر ذلك عن ابن معين ابن عدي في الكامل () وعباس الدوري وأبو بكر بن أبي خيثمة وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وذكر حماد بن سلمة منهم وقال حمزة بن محمد الكناني في أماليه حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء ().
وقال الدارقطني (): دخل عطاء البصرة مرتين فسماع أيوب () وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح. أقول: وكلام الدارقطني هذا إنما يدل على إثبات سماعه منه في قدمته الأولى قبل اختلاطه فحسب، ولا يفهم منه أن حماد بن سلمة لم يسمع منه بعد اختلاطه في القدمة الثانية أيضاً، والذي يظهر لي أن الدارقطني يرى أن حماد بن سلمة قد سمع منه في الحالتين كما سيأتي -والله أعلم-.
القول الثاني:
أنه سمع منه في الحالتين في قدمته الأولى إلى البصرة وفي الثانية أيضاً.
قال العقيلي: قال علي قلت ليحيى - القطان- وكان أبو عوانة حمل عن عطاء بن السائب قبل أن يختلط فقال كان لا يفصل هذا من هذا ()، وكذلك حماد بن سلمة ().
وقال ابن الكيال بعد أن ذكر أحوال الرواة عن عطاء: ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم والظاهر أنه سمع منه مرتين مرة مع أيوب كما يومئ إليه كلام الدارقطني ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة وسمع منه مع جرير وذويه -والله أعلم- (). وقال عبدالحق في الإحكام: إن حماد بن سلمة سمع منه بعد الاختلاط كما قاله العقيلي ()، وذهب إلى هذا القول الألباني في الصحيحة ().
ويظهر لي أن هذا هو مذهب الدارقطني أيضاً، وتحرير ذلك كما يلي:
مذهب الدارقطني في سماع حماد بن سلمة من عطاء:
تقدم أن الدارقطني ~ٍٍِِ ذكر أن عطاء دخل البصرة مرتين وأن سماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح، وفي غير ما موضع من علله يذكر رواية حماد بن سلمة ثم يعلق عليها بقوله عطاء اختلط () ولا يرجح روايته، بل علق على رواية لحماد عن عطاء بقوله في العلل بعد أن ذكر الاختلاف فيه على عطاء قال: عطاء اختلط ولم يخرجوا عن عطاء ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر شعبة والثوري ووهيب ونظراؤهم وأما ابن علية والمتأخرون ففي حديثهم عنه نظر ().
وعليه فالظاهرأن الدارقطني يرى أن حماد سمع من عطاء بعد اختلاطه أيضاً.
وإلى هذا القول ذهب الحافظ - ابن حجر - في التهذيب () وكان في التلخيص قد رجح القول الأول (). أقول: ولم يسمع من عطاء بالكوفة وإنما سمع منه بالبصرة وبها كان اختلاطه. قال أبو داود: سمعت أحمد قال حماد بن سلمة لم يخرج إلى الكوفة حج فسمع من سلمة بن كهيل وأما عطاء وغيره فقدموا عليهم () أ. هـ
هذا وبالنظر في رواياته عن عطاء بن السائب يلاحظ مايلي:
1. أنه وإن كان في معظم الأحاديث قد وافق فيها من سمع منه قبل اختلاطه وخالف من سمع بعده، إلا أنه في أحاديث أخرى قليلة خالف فيها، وتفصيل ذلك على النحو التالي: في حديثين وافق من سمع منه بعد اختلاط وخالف من سمع قبله ()، وفي حديث خالف رواية الجماعة ()، وفي حديثين وافق من سمع من عطاء بعد اختلاطه وخالف الروايات الصحيحة عن غير عطاء بن السائب ()، إذن مجموع الأحاديث التي خالف فيها حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مما شملته الدراسة خمسة أحاديث فقط.
¥