تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وأبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه إلا أن أحاديثه عنه صحيحة تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه قاله ابن المديني وغيره) انتهى

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «فتاويه»: (6/ 404):

" ويقال أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه متلق لآثاره من أكابر أصحاب أبيه، وهذه حال متكررة من عبد الله رضي الله عنه فتكون مشهورة عند أصحابه فيكثر المتحدث بها، ولم يكن في أصحاب عبد الله من يتهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه، وإن قيل أنه لم يسمع من أبيه ".

خامسا: الاعتماد على تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي له في أحاديث لأبي عبيدة عن أبيه، منها ما رواه الحاكم في المستدرك (3/ 175) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن دينار العدل، ثنا أحمد بن نصر، ثنا أبو نعيم، ثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: إنما اشتري يوسف بعشرين درهما، ... الحديث

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قبل رد هذه الشبهة، لابد من تعليق لطيف على تصحيح الحاكم، وكذا موافقة الذهبي له.

بالنسبة لاستدراك الحاكم على الصحيحين، فقد اختلف العلماء في ذلك، فرد بعضهم تصحيحه مطلقا، حتى قال أبو سعيد الماليني: طالعت المستدرك الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثا على شرطهما، ولا شك أن هذا غلو، ولذلك تعقبه الذهبي بقول: هذا إسراف وغلو من الماليني.

في حين قبل بعضهم تصحيحه مطلقا، ولا شك أن هذا تساهل مفرط.

والحق أن يتوسط في أمره، شأنه في ذلك شأن غيره ممن يشترط الصحة في كتابه، فالبخاري رحمه الله رغم علو كعبه في هذا العلم، وأخذه على نفسه شروطا في كتابه الصحيح، إلا أن العلماء النقاد انتقدوا عليه أحرفا يسيرة، وما يضره ذلك، فهو أمير المؤمنين في الحديث، وكذا صحيح ابن حبان فيه من الكثير من الأحاديث الضعيفة وهو ممن يشترط الصحة في كتابه، وأيضا أبو داود صاحب السنن، فقد قال في رسالته لأهل مكة: " ما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض " ورغم ذلك فقد أخل بشرطه في بعض الأحاديث ولذلك انتقدت عليه، فالأمر إذن ينطبق على الحاكم أيضا، شأنه في ذلك شأن غيره، فينظر في تصحيحاته فيحكم على كل حديث بما يستحقه من تصحيح أو تحسين أو تضعيف.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سود كتابه لينقحه فأعجلته المنية، قال: وقد وجدت قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك: إلى هنا انتهى إملاء الحاكم، ثم قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة، فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس ملازمة البيهقي، وهو إذا ساق عنه في غير المملى شيئا لا يذكره إلا بالإجازة، قال: والتساهل في القدر المملى قليل جدا بالنسبة إلى ما بعده. كذا في تدريب الراوي (1/ 50).

وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث (ص:27):

في هذا الكتاب أنواع من الحديث كثيرة، فيه الصحيح المستدرك، وهو قليل، وفيه الحسن والضعيف والموضوع أيضا، وقد اختصره شيخنا أبو عبد الله الذهبي، وبين هذا كله، وجمع فيه جزء كبيرا مما وقع فيه من الموضوعات، وذلك يقارب مائة حديث.

وقال البدر بن جماعة: والصواب أن يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف، ووافقه العراقي كما في التدريب، وقال المحدث أحمد شاكر في الباعث الحثيث (ص:27) وهو الصواب. انتهى

وقد ألف الحافظ العلم شمس الدين أبو عبد الله الذهبي كتابا لخص فيه المستدرك، فتارة يوافقه في التصحيح، وتارة يخالفه ويبين علة الحديث، وتارة لا يعلق على الحديث بشيء، لكنه ليس إقرارا له، وإنما لم يحضره شيء بخصوص ذلك الحديث مثلا، وربما ذهول منه رحمه الله، فكم من الأحاديث التي يحكم عليها الذهبي بحكم معين، إما صحة أو ضعفا أو غير ذلك، ثم يخالف ما قاله في موضع آخر.

والذي يهمنا هنا هو القسم الأول، أي موافقته له على التصحيح، فتارة يكون الذهبي مصيبا في ذلك، وتارة يهم فيه وتكون موافقته له مرفوضة عند العلماء ومن أكثر العلماء تعقيبا له فيما أعلم المحدث الكبير العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في كثير من كتبه، وسأضرب على ذلك بمثالين في السلسلة الضعيفة:

ذكر الألباني في الضعيفة (1/ 170) حديث: من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه ... الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير