تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعلوم أن المأمور به الأول لا الثاني. فإن الله تعالى لم يرد منا أن نكون معهم في شئ من الأشياء وأن نحصل من المعية ما يطلق عليه الاسم. ومن فهم أن الله أراد منا ذلك فقد غلط غلطاً عظيماً في فهم مراد الرب تعالى من أوامره.

فإذا أمرنا بالتقوى والبر والصدق والعفة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد ونحو ذلك لم يرد منا أن نأتي من ذلك بأقل ما يطلق عليه الاسم وهو مطلق الماهية المأمور بها بحيث نكون ممتثلين لأمره إذا أتينا بذلك.

وتمام تقرير هذا الوجه بما تقدم في تقرير الأمر بمتابعتهم سواء.

9 - قوله تعالى:- {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} [البقرة 143].

ووجه الاستدلال بالآية أنه تعالى أخبر أنه جعلهم أمةً خياراً عدولاً.

هذا حقيقة الوسط. فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإراداتهم و نياتهم. وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة.

والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم. فهم شهداؤه؛ ولهذا نوه بهم ورفع ذكرهم و أثنى عليهم. لأنه تعالى لما اتخذهم شهداء أعلم خلقه من الملائكة وغيرهم بحال هؤلاء الشهداء وأمر ملائكته أن تصلى عليهم وتدعو لهم وتستغفر لهم.

والشاهد المقبول عند الله هو الذي يشهد بعلم وصدق. فيخبر بالحق مستنداً إلى علمه به.كما قال تعالى:- {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} [الزخرف 86].

فقد يخبر الإنسان بالحق اتفاقاً من غير علمه به. وقد يعلمه ولا يخبر به.

فالشاهد المقبول عند الله هو الذي يخبر به عن علم.

فلو كان علمهم أن يفتي أحدهم بفتوى وتكون خطأ مخالفةً لحكم الله ورسوله ولا يفتي غيره بالحق الذي هو حكم الله ورسوله إما مع اشتهار فتوى الأول أو بدون اشتهارها كانت هذه الأمة العدل الخيار قد أطبقت على خلاف الحق بل انقسموا قسمين:- قسماً أفتى بالباطل، وقسماً سكت عن الحق. وهذا من المستحيل؛ فإن الحق لا يعدوهم ويخرج عنهم إلى من بعدهم قطعاً. ونحن نقول لمن خالف أقوالهم لو كان خيراً ما سبقونا إليه.

10 - أن قوله تعالى:- {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس} [الحج 78].

فأخبر تعالى أنه اجتباهم.

والاجتباء:- كالاصطفاء - وهو افتعال. من اجتبى الشيء يجتبيه. إذا ضمه إليه وحازه إلى نفسه ([99]).

ه.

تابع==

ـ[أشرف منعاز]ــــــــ[23 - 03 - 02, 05:19 م]ـ

فهم المجتبون الذين اجتباهم الله إليه وجعلهم أهله وخاصته وصفوته من خلقه بعد النبيين والمرسلين. ولهذا أمرهم تعالى أن يجاهدوا فيه حق جهاده. فيبذلوا له أنفسهم ويفردوه بالمحبة والعبودية ويختاروه وحده إلهاً محبوباً على كل ما سواه، كما اختارهم على من سواهم. فيتخذونه وحده إلههم و معبودهم الذي يتقربون إليه بألسنتهم وجوارحهم وقلوبهم ومحبتهم وإرادتهم. فيؤثرونه في كل حال على من سواه كما اتخذهم عبيده وأولياءه وأحباءه وآثرهم بذلك على من سواهم

ثم أخبرهم تعالى أنه يسر عليهم دينه غاية التيسير ولم يجعل عليهم فيه من حرج البتة لكمال محبته لهم ورأفته ورحمته وحنانه بهم. ثم أمرهم بلزوم ملة إمام الحنفاء أبيهم إبراهيم وهي إفراده تعالى وحده بالعبودية والتعظيم والحب والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والتفويض والاستسلام. فيكون تعلق ذلك من قلوبهم به وحده لا بغيره.

ثم أخبر تعالى أنه نوه بهم وأثنى عليهم قبل وجودهم وسماهم عباده المسلمين قبل أن يظهرهم ثم نوه بهم وسماهم كذلك بعد أن أوجدهم اعتناءً بهم ورفعةً لشأنهم وإعلاءً لقدرهم. ثم أخبر تعالى أنه فعل ذلك ليشهد عليهم رسوله ويشهدوا هم على الناس. فيكونون مشهوداً لهم بشهادة الرسول، شاهدين على الأمم بقيام حجة الله عليهم. فكان هذا التنويه وإشارة الذكر لهذين الأمرين الجليلين ولهاتين الحكمتين العظيمتين.

والمقصود أنهم إذا كانوا بهذه المنزلة عنده تعالى فمن المحال أن يحرمهم كلهم الصواب في مسألة فيفتي فيها بعضهم بالخطأ ولا يفتي فيها غيره بالصواب ويظفر فيها بالهدى من بعدهم. - والله المستعان -.

11 - قوله تعالى:- {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} [آل عمران 101]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير