ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[27 - 06 - 08, 12:49 ص]ـ
الحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم وبعد: فمن علم أن كلامه من عمله الذي الله سائله عنه، قل اشتغاله إلا بما لا بد له منه، ولم يتجاسر على نبز علم من أعلام الاسلام وأبنه بأنه رافضي كذاب، خبيث الطوية،قد راج بهرجه على مثل مالك وابراهيم الحربي والصاغاني وابن المبارك،فلم يفطنوا لنحلة الرفض فيه، حتى جاء هذا المتأخر فزعم أنه قد انكشف له من أمر الواقدي ما كان عن هؤلاء الأعلام خفيا و أنه كان كذابا رافضيا شقيا،مستعملا لمذهب التقية وما كان رضيا ولا تقيا ... واستدل على الذي ذهب إليه بثلاثة أدلة وهمية، ليت فيها دليلا مرضيا. وها أنا أوردها واحدة واحدة وأعقب عليها بما يبين زيفها جليا، سائلا المولى تعالى أن يجعلني في ذلك قائما بالقسط وشاهدا لله تقيا. ونظرا لطول المقال بعض الشيء فقد اخترت أن انزله منجما حتى تسهل على الاخوة قراءته. وأرجو أن يحتفظ الاخوة بتعليقاتهم الى حين الفراغ من انزال الموضوع كاملا. واشرع في المقصود فأقول:
قال: إن كثيرا من علماء الحديث قد كذبوه و اتهموه بوضع الحديث و رواية المناكير عن المجهولين، و من هؤلاء العلماء: الشافعي،و احمد، و البخاري، و مسلم، و النسائي،و أبو داود،و الترمذي – رضي الله عنهم «قلت: أما اتهامه بالكذب فأول من كذبه ــ فيما زعموا ــ أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، لا نعلم أحدا من العلماء كذبه قبله،وكل من تتايع بعد ذلك في جرحه وثلبه،فإنما هو أحد رجلين:إما رجل نهاه أحمد عن التحديث عن الواقدي فانتهى، وإما رجل تايع أحمد على رأيه وشايعه إذ سمعه،فقد علم أن من نزكه أحمد لا يريش له بينهم جناح،وفي الرواية عنه عندهم حرج وجناح.وها هنا سؤال:.
هل كان الواقدي كذابا يتعمد الكذب في روايته ولهجته؟ هذا سؤال ينبغي أن نتصدى له بكل تجرد وانصاف، تجرد من إملاءات الأحكام المسبقة، وانصاف لا نبالي بعده بما انتهى اليه القول في هذا الرجل. وها هنا مسألة نحتاج الى تحرير القول فيها لأنه ينبني عليها أمر الحكم الذي نطلبه.
أقوال العلماء في الجرح والتعديل،هل هي من باب الأخبار أم من باب الشهادات؟ فعلى القول الأول يكتفى في جرح الراوي أو تعديله بنقل واحد من عدول العلماء، وعلى الثاني،لا يقبل في جرح راو أو تعديله الا ما نقله عدلان من العلماء. واثبات هذا الثاني يعسر على من نظر في صنيع كثير ممن ألف في الجرح والتعديل. ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نعلن برأينا في هذه المسألة الخطيرة، وهو أننا نؤيد القول الثاني ــ أعني اشتراط العدد في النقل ــ لأن في قبول نقل النقلة لأقوال علماء الجرح والتعديل تعلق حق المحكوم فيهم بالروايات التي ينقلها هؤلاء الرواة قبولا وردا، حيث أنه قد تقرر في الفروق بين الخبر والشهادة أمر العدد، فيطلب في الشهادة لتعلق حق المشهود عليه بها ولا يطلب في باب الاخباركما حرره القرافي في فروقه وقرره.
اذا تقرر هذا فاعلم أنه لم ينقل أحد عن أحمد أنه كذب الواقدي تصريحا إلا ما كان من معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري الذي قال (:قال لي أحمد هو كذاب) وأنا أميل الى ترك الاعتماد على هذا النقل لأمرين:
الأول: أن تجريحا كهذا لا يمكن أن بغفل عن نقله كل من سألوا أحمد بن حنبل عن الواقدي،،ويتفرد ابن صالح بنقله، وشهادة كهذه لا يقبل فيها تفرده.
الثاني: قول معاوية "قال لي أحمد" يشعر أنه أخذه مذاكرة، وما أخذ كذلك يتسلل اليه الشك
الثالث: أن المحقق المدقق فارس هذا الميدان وعمدة اهل هذا الشأن الإمام ابا عبد الله البخاري قد ترجم للواقدي في تاريخه الصغيرفلم يزد على قوله "نركوه" وذكره في الكبير فقال أيضا"سكتوا عنه، تركه أحمد وابن نمير"وتركوه وسكتوا عنه عبارتان للبخاري تدلان على معنى واحد، وهو أن حديث من قيل فيه ذلك لا يعتد به ولا ينظر اليه، ولكنه لفظ لا يفيد أن الموصوف به كذاب.
الرابع: ما نقله ابراهيم الحربي ــ وهو أجل من معاوية بن صالح بمراحل ـ حيث قال: سمعت أحمد ذكر الواقدي فقال: ليس أنكر عليه شيئاً إلا جمعه الأسانيد ومجيئه بمتن واحد على سياقة واحدة عن جماعة، وربما اختلفوا.
أقول: ومثل هذالا يدخل في باب الكذب، ولكنه اجتهاد خاطيء.
¥