هذا مصطلح آثرته لاعتبارات كثيرة؛ من أهمها كونه مألوفا لدى الجميع في جميع انواع العلوم الشرعية، ثم إنه لا مشاحة في الاصطلاح، لذا ينبغي تفسيره بالمعنى الذي بينته في أكثر من موضع من كتبي، وقد صرحت فيها بأني لا أقصد بذلك جميع المتقدمين ولا جميع المتأخرين، وأن الفاصل بينهم ليس زمنيا، وإنما هو منهجي، ولم يكن استثناء الحافظ ابن خزيمة والحافظ ابن حبان والحاكم من منهج النقاد إلا على ذلك الأساس، وأن هذا الاستثناء متفق لدى الجميع، مع بيان تفاوت مراتبهم في التساهل. فمعنى ذلك أنه من الضرورة استثناء كل من يسلك طريقة هؤلاء الحفاظ المعروفين بالتساهل في التصحيح والتضعيف، سواء كان متقدما أو متأخرا، وبأي مصطلح كان ذلك، والمهم هو عدم الخلط بين المناهج المختلفة في التصحيح والتضعيف، وقواعدهما ومعاني المصطلحات المنبثقة عنها.
أما إذا استخدنا مصطلح: (المحدثون والفقهاء) كما يحب بعض الإخوة؛ فإن ذلك يساعد على رسوخ خطأ فادح في نفوس الأجيال، ألا وهو الفصل بين المحدثين والفقهاء، وأن المحدثين ليسوا فقهاء، هذا في الحقيقة نكران التاريخ. ثم إن ذلك يوهم أن المحدثين كانوا جميعا يمارسون النقد، وليس الأمر كذلك. ولم يسبقنا أحد باستخدام هذا المصطلح في المجال الذي نحن بصدده، بينما مصطلح: المتقدمون والمتأخرون قد استخدمه من قبلنا، انظر الحافظ ابن حجر والذهبي والسخاوي وغيرهم ممن أوردنا أسماءهم في كتاب الموازنة.
من المعلوم أن لا مشاحة في الاصطلاح، لذا ينبغي تفسير المصطلح بما اصطلح عليه واضعه.
رابعا: إحياء روح التتبع والبحث 0
إذ نطرح هذه المسألة فإننا نهدف إلى إحياء روح التتبع والبحث في التصحيح والتضعيف وإحياء منهج النقاد فيهما حتى يستوعبه الباحثون، إذ النقاد هم المصدر الأصيل في هذين المجالين، أما المتأخرون فهم عالة عليهم فيما يخص الحديث الشريف رواية ونقدا.
وإذا لم يستوعب الباحث منهج النقاد ولم يفهم مصطلحاتهم فما فائدة التتبع والبحث والهمة والنشاط؟ وهو كما قلت أنت إذا سألت أحدهم يقول أنا خريج كتب التخريج، أوليس هذا مما ينبغي علاجه أخي المنصور!.
شيخنا المحدث النقاد: جزاكم الله تعالى كل خير على ما تتحفون به طلاب العلم من رائع ما يخطه بنانكم ونسأل الله تعالى أن يديمكم ويوفقكم لرفع كلمته العليا وأن يحفظكم من كل مكروه:
س7/ ما قولكم في مصطلح الإمام الترمذي " حسن غريب ".
س8/ هل يصح في المهدي المنتظر عندكم شيء.
س9/ ما هي مرتبة أقوال الحافظ البيهقي والحافظ الطحاوي في نظركم بين أقوال المتقدمين.
س10/ هل ترون من فرق بين مجرد ذكر ابن حبان لراو في كتابه الثقات دون التنصيص على أنه ثقة وبين من ينص على أنه ثقة أو مستقيم الحديث في ذلك الكتاب. ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
ج/ شكرا جزيلا على لطفكم، جزاكم الله خيرا، ودمتم أيضا ذخرا للإسلام والمسلمين.
أما مصطلح (حسن غريب) فقد شرحته في بعض أبحاثي.
إني أرى - في ضوء تتبعي وحدود فهمي - أن الإمام الترمذي يقصد بهذا المصطلح أن متن الحديث سليم من الشذوذ والغرابة، لكن السند فيه غرابة وإشكال.
ومما يزول به شذوذ المتن أن يكون قد عمل به بعض الصحابة مثلا، وربما تضر غرابة السند بصحة الرواية وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لذا لا يلزم من تحسين الترمذي لحديث ما أن يكون صالحا للاحتجاج به كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه (النكت).
أما ما يتصل بالمهدي فلم أقم بدراسته، بل قرأت ما كتبه الدكتور/ عداب قراءة عابرة وسريعة، فوجدته يضعف بعض الأحاديث بتكلف شديد.
أما الحافظ البيهقي فيختلف عن الحافظ الطحاوي، حيث يعد الأول ناقدا بينما لا يعد الثاني كذلك.
أما السؤال الأخير فنعم هناك فرق؛ فمن قال فيه ابن حبان: مستقيم الحديث، فمعناه أن التوثيق كان بناء على تتبع أحاديثه، وكذلك الأمر كلما تضمن تعليقه على الراوي عبارة تدل على أنه قام بتتبع أحاديثه، وأما إذا أورد في كتابه الثقات راويا ولم يصفه بشيء فليس فيه ما يدل على أنه قام بتتبع أحاديثه، قد يكون مجهولا.
وعلى كل فالرواة في ثقات ابن حبان على أقسام ومراتب كما شرح ذلك الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى في كتابه التنكيل.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[17 - 12 - 02, 02:38 م]ـ
الشيخ الفاضل حمزة المليباري حفظه الله
¥