تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيا، وإنما هو من كبار التابعين، ولد في عهد النبي صلي الله عليه وسلم.

الثانية: سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -؛ قال الحافظ:

"صدوق كثير الخطأ".

قلت: ومع ذلك؛ فقد خالفه زياد بن عبدالله البكائي؛ وهو راوي كتاب "السيرة" عن ابن إسحاق، ومن طريقه رواه ابن هشام، وقال فيه الحافظ:

"صدوق ثبت في المغازي".

وقدأخرج ابن هشام هذا الحديث في "السيرة" (1/ 252 - 253) عنه عن ابن إسحاق به؛دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين []، وفيها قصة الهم المنكرة.

فمنالمحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي، فتكون منكرة من جهة أخرى؛وهي مخالفته للبكائي؛ فإنه دونه في ابن إسحاق؛ كما يشير إلى ذلك قولالحافظ المتقدم فيهما.

ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها منالكتاب؛ لنكارة معناها، ومنافاتها لعصمة النبي صلي الله عليه وسلم؛ فقدأشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئا من ذلك، فقال (1/ 4):

" .. وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب؛ مما ليس لرسول الله صليالله عليه وسلم فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ... ".

وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية؛ وهي:

الثالثة: ابن حميد - واسمه محمد الرازي -؛ وهو ضعيف جدا، كذبه جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي.

وجملةالقول؛ أن الحديث ضعيف إسنادا، منكر متنا، لا يطمئن القلب المؤمنلتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم منالهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل، وهو القائل - فيما صح عنه -:

"من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا". متفق عليه: "الترغيب" (3/ 205).

لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه.وماأشبه هذا المرسل في النكارة بقصة الغرانيق التي رواها بعض الثقات أيضامرسلا ووصلها بعض الضعفاء، كما بينته في رسالة لي مطبوعة بعنوان: "نصبالمجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها تجد فيها - كما في هذا الحديث - شاهدا قويا على ما ذهب إليه المحدثون: من أن الحديث المرسل من قسم الحديثالضعيف؛ خلافا للحنفية؛ لا سيما بعض المتأخرين منهم الذين ذهبوا إلىالاحتجاج بمرسل الثقة ولو كان المرسل من القرن الثالث!

بل غلا أحدهم من المعاصرين فقال: ولو من القرن الرابع! وإذن؛ فعلى جهود المحدثين وأسانيدهم السلام!

هذا؛ ولقد كان الباعث على كتابة هذا التخريج والتحقيق: أنني كنت علقت فيكتابي "مختصر صحيح البخاري" - يسر الله تمام طبعه - (1/ 5) على هذهالزيادة بكلمة وجيزة؛ خلاصتها أنها ليست على شرط "الصحيح"؛ لأنها منبلاغات الزهري. ثم حكيت ذلك في صدد بيان مزايا المختصر المذكور؛ في بعضالمجالس العلمية في المدينة النبوية في طريقي إلى الحج أو العمرة سنة (1394)، وفي عمرتي في منتصف محرم هذه السنة (1395)، وفي مجلس من تلكالمجالس ذكرني أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأذكياء المجتهدين - ممن أرجوله مستقبلا زاهرا في هذا العلم الشريف؛ إذا تابع دراسته الخاصة ولم تشغلهعنها الصوارف الدنيوية - أن الحافظ ابن حجر ذكر في "الفتح": أن ابنمردويه روى زيادة بلاغ الزهري موصولا، وذكر له شاهدا من حديث ابن عباس منرواية ابن سعد؟ فوعدته النظر في ذلك؛ وها أنا قد فعلت، وأرجو أن أكونقد وفقت للصواب بإذن الله تعالى.

وإن في ذلك لعبرة بالغة لكل باحثمحقق؛ فإن من المشهور عند المتأخرين: أن الحديث إذا سكت عنه الحافظ في "الفتح" فهو في مرتبة الحسن على الأقل، واغتر بذلك كثيرون، وبعضهم جعلهقاعدة نبه عليها في مؤلف له، بل وألحق به ما سكت عنه الحافظ في "التلخيص" أيضا!!

وكل ذلك توسع غير محمود؛ فإن الواقع يشهد أن ذلك ليس مطردا في "الفتح"؛ بله غيره، فهذا هو المثال بين يديك؛ فقد سكت فيه على هذاالحديث الباطل، وفيه متهمان بالكذب عند أئمة الحديث، متروكان عند الحافظنفسه! وقد سبق له مثال آخر - وهو الحديث (3898) -، وقد أشرت إليه فيالتعليق على "مختصر البخاري" (1/ 277)؛ يسر الله تمام طبعه. آمين.و قد طبع و الحمد لله.

ـ[عبدالمنعم الشنو]ــــــــ[03 - 08 - 08, 01:23 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير