وعلى كل لا مانع من القول إن هذا الراوي المتروك لم ينفرد بإضافة الحديث إلى سعيد، وهو مصدر هذا الحديث، وباتفاق جميع الرواة ثبت أن الحديث قد حدث به سعيد، كما أن الحديث مرفوع أيضا باتفاق معظم الرواة، وليس ذلك مما انفرد به ابن سمعان أيضا. لكن الرواة اختلفوا حول شيخ سعيد في هذا الحديث، وحول الصحابي الذي رواه، ثم عند المقارنة بين الوجوه المختلفة نجد ما قاله ابن سمعان أصعب على اللسان أن يسلكه وهما وأن ينزلق إليه بغير شعور، بخلاف ما ذكره غيره مع اختلاف فيما بينهم، فالداقطني قد عبر عن ذلك بعبارة محترمة حين قال: (وهو أشبهها بالصواب و إن كان ابن سمعان متروكا). والله أعلم.
هذا وقد صحح ابن حبان هذا الحديث من رواية الوليد عن الأوزاعي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي قال إذا وطىء أحدكم بنعله في الأذى فإن التراب لها طهور، على الرغم من الاختلاف على الأوزاعي الذي ذكره الإمام الدارقطني. (4/ 249)، وقد يكون ذلك التصحيح من تساهل ابن حبان.
س19/ ما هو رأيكم في مسالة اشتراط السماع و اللقي من عدمه بين المتعاصرين و هل اطلعت على ما كتبه الشيخ حاتم العوني؟ بارك الله فيكم.
ج/ ما ذكره الشيخ حاتم الشريف – حفظه الله تعالى - في كتابه (الإجماع) هو عين الصواب، وكنت أرى ذلك منذ سنوات حين كنت في الجزائر، وقد طرحنا هذا الموضوع أمام بعض الطلبة هناك، فلما وجدت الشيخ حاتم قد عالج الموضوع بالأدلة الكافية سررت كثيرا، ودعوت له من أجل ذلك.
لا أدري كيف شاع بين العلماء أن مذهب مسلم في حكم الاتصال بالمعاصرة دون اللقاء بين راويين متعاصرين كان مطلقا، بينما يقيد الإمام مسلم ذلك بصريح قوله في المقدمة: ’’أما والأمر مبهم .... ‘‘، يعني عند الإبهام، وليس ذلك مطلقا في عنعنة المتعاصرين.
ومن المعلوم بدهيا أن الحكم بظاهر الأمر عند إبهام الحقيقة وفقدان آليات البحث عنها والتفتيش مألوف لدى الجميع، والخارج منه مشدد على نفسه دون أمر شرعي، لذا أصبحت دعوى مسلم بإجماع المحدثين على الحكم بالاتصال بمجرد المعاصرة مع إمكانية اللقاء بشرط أن لا يكون الراوي متهما بالتدليس أمرا واقعيا، ومن المحدثين البخاري وعلي بن المديني.
وأود أن أقول إن الشيخ حاتم ممن أحبه وأحترمه كثيرا لجودة ما كتبه وقدرته على تأسيس فكرته واستنتاجاته، ونفسه الطويل في البحث والتتبع والإبداع، وما يكتبه يعد نموذجا رائعا للأبحاث العلمية المبدعة.
جزاه الله تعالى خيرا وسدد خطاه، وحفظه من كل شر وفتنة تصرفه عن الانشغال بالأهم.
س20/ هل تتفضلون علينا بشرح طريقة مختصرة للحكم على الأسانيد.
ج/ إن شاء الله سأفعل ذلك في المستقبل القريب إن شاء الله.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[17 - 12 - 02, 03:15 م]ـ
س21/ ماقولكم شيخنا في دعوى عدم احتجاج الإمام احمد بالحديث الضعيف وأن مقصوده الحسن. مع كون الشواهد تثبت قبول احمد بالحديث الضعيف الذي لا وجه لتحسينه.
ج/ فيما أرى أن المسألة فيها شيء من الخلط.
هناعدة نقاط:
الأولى: أن الضعيف الذي يحتجون به أو يستأنسون به أو يقدمونه على الرأي هو الحديث الذي لم يتبين صوابه ولا خطؤه، وذلك لاحتمال أن يكون قولا للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد يطلقون عليه بالضعف أو بالحسن.
وأما ما تبين فيه الخطأ، وثبت أنه قول صحابي أو تابعي وليس قولا للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحتج به، ولا مجال لتقديمه على رأي آخر، لتساويهما في الأمر.
الثانية: يظهر معنى احتجاجهم بهذا النوع من الأحاديث الضعيفة، وقصدهم بذلك من خلال النصوص الآتية:
يقول الأثرم: كان أبو عبد الله، ربما كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده شيء فيأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه (شرح العلل ص: 188 – 189).
وقال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن عمرو بن شعيب،: أنا أكتب حديثه وربما احتججنا به، وربما وجس في القلب منه شيء.
¥