تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الدكتور ماهر متعقبا صاحبي التحرير في إحدى المسائل: فأحد قوليهما خطأ بلا شك؛ لأن جمع النقيضين من أسرار قدرته جل في علاه. (كشف الإيهام/367).

أقول: ماذكره الدكتور ماهر مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة فإن قدرة الله تعالى وتقدس لاتتعلق بالممتنع لذاته. والممتنع لذاته كالجمع بين الضدين والنقيضين (انظر مجموع الفتاوى 3/ 321).

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: لفظ "الممتنع" مجمل، يراد به الممتنع لنفسه، ويراد به ما يمتنع لوجود غيره فهذا الثاني يوصف بأنه ممكن مقدور، بخلاف الأول ...

ومن الناس من يدعي أن الممتنع لذاته مقدور، ومنهم من يدعي إمكان أمور يعلم بالعقل امتناعها، وغالب هؤلاء لا يتصور ما يقوله حق التصور أو لا يفهم ما يريده الناس بتلك العبارة فيقع الاشتراك والاشتباه في اللفظ أو في المعنى ... إلى أن قال: وأما أهل السنة فعندهم أن الله تعالى على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا، وأما المحال لذاته مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما فهذا لا حقيقة له ولا يتصور وجوده ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب خَلْقُ مثلِ نفسِه وأمثال ذلك (منهاج السنة النبوية 2/ 293).

وقال أيضا: وذلك أن الله على كل شيء قدير، وهذا لفظ عام لا تخصيص فيه، فأما الممتنع لذاته فليس بشيء باتفاق العقلاء، وذلك أنه متناقض لا يعقل وجوده فلا يدخل في مسمى الشيء حتى يكون داخلا في العموم مثل أن يقول القائل: هل يقدر أن يعدم نفسه أو يخلق مثله؟ فإن القدرة تستلزم وجود القادر، وعدمه ينافي وجوده فكأنه قيل: هل يكون موجودا معدوما؟ وهذا متناقض في نفسه لا حقيقة له، وليس بشيء أصلا، وكذلك وجود مثله يستلزم أن يكون الشيء موجودا معدوما فإن مثل الشيء ما يسد مسده ويقوم مقامه، فيجب أن يكون الشيء موجودا معدوما، قبل وجوده مفتقرا مربوبا، فإذا قدر أنه مثل الخالق تعالى لزم أن يكون واجبا قديما لم يزل موجودا غنيا ربا، ويكون الخالق فقيرا ممكنا معدوما مفتقرا مربوبا فيكون الشيء الواحد قديما محدثا، فقيرا مستغنيا، واجبا ممكنا، موجودا معدوما، ربا مربوبا، وهذا متناقض لا حقيقة له، وليس شيء أصلا، فلا يدخل في العموم، وأمثال ذلك. (بيان تلبيس الجهمية طبعة المجمع 4/ 319).

وقال أيضا: قد أخبر الله أنه على كل شيء قدير، والناس في هذا على ثلاثة أقوال:طائفة تقو ل: هذا عام، يدخل فيه الممتنع لذاته من الجمع بين الضدين، وكذلك يدخل في المقدور،كما قال ذلك طائفة منهم ابن حزم. وطائفة تقول: هذا عام مخصوص يخص منه الممتنع لذاته؛ فإنه وإن كان شيئا فإنه لا يدخل في المقدور كما ذكر ذلك ابن عطية وغيره، وكلا القولين خطأ.

والصواب هو القول الثالث الذي عليه عامة النظار، وهو أن الممتنع لذاته ليس شيئا ألبتة وإن كانوا متنازعين في المعدوم فإن الممتنع لذاته لايمكن تحققه في الخارج ولا يتصوره الذهن ثابتا في الخارج ولكن يقدر اجتماعهما في الذهن ثم يحكم على ذلك بأنه ممتنع في الخارج إذ كان يمتنع تحققه في الأعيان وتصوره في الأذهان إلا على وجه التمثيل بأن يقال: قد تجتمع الحركة والسكون في الشيء فهل يمكن في الخارج أن يجتمع السواد والبياض في محل واحد كما تجتمع الحركة والسكون؟ فيقال: هذا غير ممكن فيقدر اجتماع نظيرالممكن ثم يحكم بامتناعه وأما نفس اجتماع البياض والسواد في محل واحد فلا يمكن ولا يعقل فليس بشيء لا في الأعيان ولا في الأذهان فلم يدخل في قو له: {وهو على كل شيء قدير} (مجموع الفتاوى 8/ 9)

وقال أيضا: وهو سبحانه على كل شيء قدير، لايستثنى من هذا العموم شيء لكن مسمى "الشيء": ما تصور وجوده، فأما الممتنع لذاته فليس شيئا باتفاق العقلاء. (مجموع الفتاوى 8/ 512)

وقال أيضا: والقدرة على خلق المتضادات قدرة على خلقها على البدل فهو سبحانه إذا شاء أن يجعل العبد متحركا جعله، وإن شاء أن يجعله ساكنا جعله، وكذلك في الإيمان والكفر وغيرهما؛ لكن لايتصور أن يكون العبد في الوقت الواحد متصفا بالمتضادات فيكون مؤمنا صديقا من أولياء الله المتقين كافرا منافقا من أعداء الله وإن كان يمكن أن يجتمع فيه شعبة من الإيمان وشعبة من النفاق (مجموع الفتاوى8/ 513)

الوقفة الثانية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير