قال الدكتور أحمد سيف محقق تاريخ الدوري عن ابن معين: والذي يتتبع استعمال يحيى بن معين لهذين اللفظين في نقده الرجال، وإطلاقه هذا اللفظ تارة، واللفظ الآخر تارة أخرى، والجمع بينهما أحيانا يتأكد له ما نقله أبوخيثمة عن يحيى. وقد تتبعت هذين اللفظين في نقد ابن معين للرجال في القسم المفهرس فوجدت أن مدلول هذين اللفظين عنده واحد، فهو يطلق على الرجل الواحد تارة قوله "ثقة"، وتارة قوله "ليس به بأس"، ويجمع بينهما أحيانا .... إلى أن قال: وهذا مايقطع بأنه يراهما في درجة واحدة عنده
(يحيى بن معين وكتابه التاريخ1/ 113).
والعجيب أن الدكتور ماهرا رد على صاحبي التحرير بما نقله عن شيخه الدكتور هاشم جميل مقرا له أن قول ابن معين في الراوي:" لابأس به " توثيق عنده (انظر كشف الإيهام/506).
الوقفة الثانية عشرة
تكرر انتقاد الدكتور ماهر لصاحبي التحرير باستعمال عبارة "وثقه ابن حبان" فيمن ذكره ابن حبان في الثقات ولم ينص على توثيقه. مثل تعقب 13/ 46 ص 158 فقد تعقب الدكتور ماهر صاحبي التحرير بقوله:" إطلاقهما توثيق ابن حبان هكذا لايجوز؛ فإنما ذكره ابن حبان في الثقات، ولم يعمل فيه التوثيق، وفرق بين الأمرين كما هو معروف ". وذكر مثل هذا في تعقب 66/ 218 ص 206، وفي تعقب 64/ 205 ص 202، وغيرهما.
ثم ناقض نفسه فوقع فيما انتقدهما عليه، وذلك في تعقب 311/ 2780 ص 407 فقال الدكتور ماهر: " هذا عجيب منهما فرجل وثقه ابن حبان (8/ 313) ... "، وهذا الرجل إنما ذكره ابن حبان في الثقات، ولم يعمل فيه التوثيق. ومثل هذا وقع من الدكتور ماهر في تعقب 94/ 365 ص 238.
الوقفة الثالثة عشرة
في تعقب 302/ 2570 ص 403: في ترجمة سليمان بن سنان المزني، الذي قال فيه ابن حجر: "ثقة "، فتعقبه صاحبا التحرير بقوله:"بل مقبول، فقد روى عنه اثنان، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات"، فتعقبهما الدكتور ماهر بقوله:" كيف لا يكون ثقة، وقد روى عنه اثنان، فانتفت جهالة عينه، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه العجلي، وابن خلفون، وقال الذهبي: وثق ".
ثم ناقض الدكتور ماهر نفسه في تعقب 377/ 4556 ص 467 في ترجمة عرفجة بن عبدالله الثقفي الذي قال فيه ابن حجر: " مقبول "، فتعقبه صاحبا التحرير بقولهما:" بل: صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات"، فتعقبهما الدكتور ماهر بأن ابن القطان جهله، لذا أنزله ابن حجر إلى رتبة المقبول. فحال هذين الراويين واحدة تقريبا، ومع ذلك أيد الدكتور ماهر وصف الأول بـ "ثقة"، ووصف الآخر بـ "مقبول"! ونسي مارد به على صاحبي التحرير في احتجاجهما بتجهيل ابن القطان بقوله: " ابن القطان له منهج خاص في التجهيل، فهو يحكم بجهالة كل من لم يوثقه إمام معاصر له " (كشف الإيهام/263).
الوقفة الرابعة عشرة
في تعقب 309/ 2731 ص 406: في ترجمة شاذ بن يحيى الواسطي، الذي قال فيه ابن حجر: " مقبول" فتعقبه صاحبا التحرير بقولهما:" بل: صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه تسعة، عرفه الإمام أحمد وأثنى عليه خيرا"، فتعقبهما الدكتور ماهر بقوله: " بل مقبول، فليس فيه توثيق، وجهله مسلمة بن قاسم كما في تهذيب التهذيب 4/ 300 ".
أقول: لم يكن الدكتور ماهر دقيقا في نقله عن التهذيب، فالذي فيه قول ابن حجر:
" قلت: وقال مسلمة في كتابه: شاذ بن يحيى خراساني مجهول، فلا أدري هو ذا أو غيره "
وهذا الكلام في الأصل لمغلطاي في الإكمال فقد قال: " شاذ بن يحيى الواسطي، كذا قال المزي، وحرصت على وجدانه في تاريخ واسط، فلم أجده فينظر، ولكني وجدت مسلمة بن قاسم ذكر في كتابه شاذ بن يحيى، وفي نسخة أخرى يحيى خراساني هروي، روى عن رجل عن سالم بن أبي حفصة. قال: وهو مجهول. ولاأدري أهو هو أم غيره؟ " (إكمال تهذيب الكمال 6/ 200).
ومادام الأمر على الشك فماكان ينبغي للدكتور ماهر أن يجزم بتجهيل مسلمة لهذا الراوي. وقد شنع على صاحبي التحرير حين جزما بأمر فيه احتمال فقال: " فلاأدري كيف استجازا أن يجزما بذلك مع هذا الاحتمال الوارد" (كشف الإيهام/165).
وشاذ بن يحيى الواسطي صاحب يزيد بن هارون، وروى عنه جملا في الاعتقاد (انظر السنة لعبدالله بن أحمد 1/ 123، 3/ 481، 482)
¥