"من قال إحدى عشرة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد كتب الله له ألفي حسنة" هذا لفظ عبد حميد، ولفظ ابن عساكر: (ألفي ألف حسنة)
والعلة في هذا الطريق كالعلة في سابقة نكارة أبي الورقاء فائد،
ويلاحظ أن أبا الورقاء قد اضطرب في الحديث، فمرة يرويه من حديث جابر، ويجعل بينه وبينه ابن المنكدر، ومرة يرويه عن ابن أبي أوفى، وهذا كله يدل على أنه لم يضبطه، ويدل على نكارة المتن وضعف الراوي.
الوجه الثاني:
لم أجد بعد البحث رواية فيها (أربعين مليون حسنة) بهذا اللفظ،
فلعل ذلك الشخص (ناشر الحديث) جمع الألفين واعتمد النتيجة، وهو تصرف في النص غير سديد.
الوجه الثالث:
قول ذلك الشخص إن هذا الحديث لم يكتشفه أحد من ألف وأربعمائة سنة هذا باطل،
فأين أئمة الحديث عنه أمثال يحيى القطان وشعبة والثوري وابن عيينة وأحمد وابن معين والمديني والبخاري ومسلم وغيرهم،
بل إذا لم يكن معروفاً لديهم كل هذه المدة فهو ليس بحديث؛ إذ الأحاديث لم تصلنا إلا عن طريقهم، وكل حديث لم يعرفه هؤلاء فليس بحديث، ولكنه أثر موضوع بعدهم، فأين عنه يحيى بن معين الذي قال عنه الإمام أحمد: (كل حديث لا يعرفه يحيى فليس بحديث)،
وأين البخاري عنه وقد قال الفلاس عمرو بن علي: (كل حديث لا يعرفه البخاري فليس بحديث)،
وأين ابن تيمية عنه وقد قال الذهبي عنه: (كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث).
وقد علمت أن الأئمة عرفوا هذا الحديث وتكلموا فيه وضعفوه ومنهم إمام الصنعة أبو عبد الله البخاري، والترمذي، وأبو حاتم، وتكلم بقية الأئمة في رجاله.
والخلاصة أنه لا يصح الحديث من جميع طرقه؛ لأن الأئمة تكلموا فيه، ولا يصح أن نحسنه بمجموع طرقه؛ لأن رجاله في غاية الضعف ولا يحتج بهم، ولذلك ضعفه ابن رجب في جامع العلوم والحكم، والألباني -رحمه الله- في السلسلة الضعيفة.
الوجه الثالث: لا يجوز الاحتجاج بهذا الحديث، ولا نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم إلا على سبيل بيان ضعفه، ولا يجوز استغلاله لأغراض شخصية، أو لأجل تسويق سلعة تجارية كما يفعل بعض الجهال، ولا يجوز نشره بين العوام بهذه الطريقة، وفي الأحاديث الصحيحة الثابتة غنية عن هذه الأحاديث الضعيفة.
وقد ورد ورد في فضل الشهادة وكلمة التوحيد أحاديث كثيرة غير هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما، وفيها غنية عن هذا الحديث الضعيف، ومن ذلك:
ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك".
وما رواه البخاري ومسلم أيضاً من طريق عمير بن هانئ قال: حدثني جنادة بن أبي أمية عن عبادة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمتة ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل"، وغير ذلك من الأحاديث.
نسأل الله تعالى الفقه في الدين، وأن يعلمنا، ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يكفينا شر أنفسنا والشيطان، إنه جواد كريم.
والله تعالى أعلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=163566
عبد المجيد بن صالح المنصور
المعهد العالي للقضاء
22/ 8/1429هـ
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 11:49 م]ـ
جزاك الله خير