تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما على منهج المحدثين النقاد فلم يكن الحكم على الإسناد بانقطاعه واتصاله أو صحته وضعفه دون اعتبار متنه، وإنما يتوجهون في النقد صوب ما أخبر به الراوي عمن فوقه سندا ومتنا دون الفصل بينهنا؛ ذلك لأن الإسناد لا يتحقق إلا بانتهائه إلى المتن، وإلا فبماذا يحدث الشيخ عمن فوقه إذا لم يكن هناك متن.

وحديث ’’تسلبي ثلاثا‘‘ شاذ عند الإمام أحمد وغيره مع أن إسناده سليم من الانقطاع، وجميع رواته ثقات، وذلك لمخالفة أحد رواته في هذا المتن الأحاديث الصحيحة الثابتة في مدة العدة.

كذلك حديث قتيبة عن الليث في جمع التقديم، فقد أعل النقاد متنه مع كون رواته ثقات أجلاء.

وكتب العلل والضعفاء زاخرة بهذا النوع من الأمثلة التي تدل على نقد الأئمة القدامى للمتون مع كون السند متصلا ومسلسلا بالرواة الثقات، بل إن ظهور مصطلح (المدرج) و (المقلوب) و (المعلول) و (الشاذ) و (زيادة الثقة) الذي يتصل بالمتن يعد أوضح دليل على ذلك؛ لأن هذه المصطلحات تدل على أن النقاد لم يكتفوا في النقد بمعرفة الأحوال العامة لرواة الحديث، بل إنهم ينظرون فيما أخبر به الراوي عمن فوقه سندا ومتنا، ولو اعتمدوا في ذلك على أحوال الرواة لصححوا كل ما رواه الثقة، وما ظهر مصطلح الشاذ ولا المعلول ولا المقلوب ولا المدرج.

كما أنهم في معرفة الانقطاع والاتصال لم يكتفوا بمجرد وجود المعاصرة بين الرواة ولا اللقاء فيما بينهم بل يتتبعون الأدلة والقرائن التي تدل على أن هذا الراوي سمع الحديث ممن فوقه، أو أنه لم يسمعه منه، على الرغم من وجود المعاصرة واللقاء بينهما، وإلا كيف ظهر مصطلح التدليس بكل أنواعه، وكيف استطاعوا إذن أن يبينوا أحوال الرواة وعاداتهم في التدليس بكل تفاصيلها.

والجدير بالذكر أن قول الأخ السائل – حفظه الله - (مع كون السند لا مطعن فيه) معناه أن الرواة ثقات، والسند متصل، بغض النظر عن مدى خلوه من شذوذ وعلة.

وفي الواقع أن الخطأ في المتن لا بد أن يكون من أحد رواته، والسند الذي يضم ذلك الراوي المخطئ – وإن كان إماما – لن يكون سليما، والراوي الثقة إذا أخطأ في المتن فمعناه أنه لم يرو هذا الحديث كما سمع من شيخه، لذا لا يقال إن السند لا مطعن فيه.

ومن هنا أصبح السند وثيقة علمية عظيمة تحمل في طياتها ما يدل على مصدر الخطأ بدقة متناهية، وبذلك لم يستطع أحد لا عمدا ولا سهوا، أن يدخل في حديث الراوي ما ليس منه، إلا وقد اكتشفه النقاد، فضلا عن السنة النبوية، لذلك قال ابن المبارك رحمه الله:

الإسناد من الدين لولاه لقال من شاء ما شاء.

فضيلة الشيخ المحدث المليباري حفظكم ربي وسددكم:

س82/ ما رأيكم في اصطلاحات الترمذي في سننه كقوله (حديث حسن) (حسن صحيح) (حديث غريب) (حديث حسن غريب) (صحيح غريب).

ج / جزاك الله خيرا أخي الكريم وسدد خطاك، هذه المصطلحات لا يمكن تحديد معانيها بأحوال الرواة، ولا تفسر في ضوء ما تعارف عليه المتأخرون، وإنما ينبغي تفسيرها وفق منهج الإمام الترمذي وغيره من المتقدمين.

من خلال تتبع أمثلة كثيرة من السنن تبين لي أنه (رحمه الله) يطلق مصطلح (حسن صحيح) على الحديث الصحيح، ومصطلح (حسن) على الحديث الذي زال عن متنه شذوذ وغرابة؛ إما لكونه مرويا من طرق أخرى كالشواهد، أو لعمل بعض الصحابة بمقتضاه أو لقوله به، حتى وإن كان سنده ضعيفا أو معلولا بغرابته أو بتفرده. وفي حال كون السند غريبا قد يقول الترمذي (حسن غريب) أو يقول (غريب) فقط دون مصطلح (حسن) وأما (صحيح غريب) فقد يطلقه على ما هو حسن أيضا، وقد يكون معناه حسن صحيح، أو يكون ذلك من اختلاف النسخ.

أما إذا فسرنا هذه المصطلحات في ضوء ربطها بأحوال الرواة فإن ذلك لا يخلو من الإشكال. (والله أعلم).

س83/ ما رأيكم في رواية أبي اسحاق السبيعي بالعنعنة خارج الصحيح.

ج/ رواية أبي إسحاق بالعنعنة تفيد الاتصال إذا ثبتت من طريق شعبة ويحيى بن سعيد القطان، وعموما فإن عنعنة المدلس لا تكون سببا مباشرا للحكم عليها بالانقطاع، إلا إذا تبين أن الراوي المدلس لم يسمع ذلك الحديث ممن فوقه، أو إذا لم تتوافر لدى الناقد إمكانية البحث وأصبح الأمر في ذلك مبهما فإنه يعول حينئذ على تلك العنعنة وتحمل على الانقطاع. والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير