تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو جاز أن يخطئ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الأمة قائم بالحق في ذلك الحكم؛ لأنهم بين ساكت ومخطئ. ولم يكن في الأرض قائم لله بحجة في ذلك الأمر. ولا من يأمر فيه بمعروف أو ينهى فيه عن منكر حتى نبغت نابغة فقامت بالحجة و أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر.

وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

17 - ما رواه ابن عيينة عن عبد الله بن أبى يزيد قال:- كان ابن عباس إذا سئل عن شئ وكان في القرآن أو السنة قال به. و إلا قال بما قال به أبو بكر وعمر. فإن لم يكن قال برأيه ([149]).

فهذا ابن عباس واتباعه للدليل وتحكيمه للحجة معروف حتى إنه يخالف لما قام عنده من الدليل أكابر الصحابة يجعل قول أبي بكر وعمر حجة يؤخذ بها بعد قول الله ورسوله ولم يخالفه في ذلك أحد من الصحابة.

18 - وقال ابن عباس ([150]):- عليك بالاستقامة، اتبع ولا تبتدع، اتبع الأثر الأول ولا تبتدع.

وما نقل عن واحد من الصحابة من قول أو فعل – ولم يكن ثمة غيره - أثر يجب اتباعه.

19 - قيل لعلي رضي الله عنه حينما دخل الكوفة:- أنزل بالقصر الأبيض. فقال ([151]): (لا إن عمر بن الخطاب كان يكره نزوله فأنا أكرهه لذلك) فنزل في الرحبة.

20 - قال ابن عباس ([152]) للخوارج حين ناظرهم:- (جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله).

ب - الآثار المنقولة عن التابعين في ذلك:-

لقد كثرت النقول عن التابعين كثرة يصعب حصرها في الحض على اتباع الصحابة في جميع شؤونهم وذلك بالرجوع إلى أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم وسيرهم للاهتداء و الاقتداء بها، معتبرةً قول الواحد من الصحابة حجةً يصار إليها.

ولكثرتها – كما قلت – حكى بعض العلماء الإجماع على أن التابعين يرون حجية قول الصحابي كما سيأتي-إن شاء الله -.وسأقتصر على أوضحها دلالة،فمن ذلك:-

1 - قول شريح ([153]):- إنما اقتفي الأثر، فما وجدت في الأثر حدثتكم به.

2 - قول إبراهيم النخعي ([154]):- لو بلغني أنهم - يعنى الصحابة - لم يجاوزوا بالوضوء ظفراً لما جاوزته به. وكفى بنا على قوم إزراءً أن نخالف أعمالهم.

3 - وقوله ([155]) – أيضاً -: لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مسحوا على ظفر لما غسلته التماس الفضل في اتباعهم.

4 - ما كتبه عمر بن عبد العزيز ([156]) إلى بعض عماله حيث قال:- أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون بعده فيما قد جرت به سنته، وكفوا مؤونته، واعلم أنه لم يبتدع إنسان بدعة إلا قدم قبلها ما هو دليل عليها وعبرة فيها. فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة، وأعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق والحمق.فإن السابقين عن علم وقفوا وببصر نافذ قد كفوا وكانوا هم أقوى على البحث ولم يبحثوا.

5 - وقوله ([157]):- أيضاً - قف حيث وقف القوم. وقل كما قالوا. واسكت كما سكتوا؛ فإنهم عن علم وقفوا. وببصر ناقد كفوا. وهم على كشفها كانوا أقوى. وبالفضل لو كان فيها أحرى. فإنهم السابقون و لئن كان الهدى ما أنتم عليه فلقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم حدث بعدهم حدث فما أحدثه إلا من خالف سبيلهم ورغب بنفسه عنهم ولقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفى فما دونهم مَقصر ولا فوقهم محسر. ولقد قصر عنهم أقوام فجفوا، وطمح عنهم آخرون فغلوا. وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم.

6 - وقوله ([158]) - أيضاً –:- سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لولاة الأمر بعده سننا. الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعته، وقوة على دينه.ليس لأحد تغييرها،ولا تبديلها، ولا النظر في رأي من خالفها. فمن اقتدى بما سنوا اهتدى. ومن استنصر بها نصر. ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.

قال الشاطبي ([159]) عن هذا القول: - (و من كلامه الذي عني به ويحفظه العلماء وكان يعجب مالكاً جداً … .. وبحق وكان يعجبهم فإنه كلام مختصر جمع أصولاً حسنة من السنة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير