تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[15 - 05 - 03, 11:45 م]ـ

س97/ ما شروط الإجتهاد في التصحيح والتضعيف وهل هذه الشروط متوفرة في أحد المشايخ في عصرنا أو حتى في المتأخرين؟

ج/ هذا سؤال مهم جدا، وأنا أشكر لك هذا السؤال. وقد يكون الجواب طويلا وأرجو منك الصبر.

يا أخي العزيز – حفظني الله وإياك -! من المعلوم بديهيا أن لكل علم رجالا متخصصين يشكلون مصادره الأصيلة، ومن خلال عملهم النقدي انبثقت قواعد ذلك العلم ومسائله، لذلك فإن الباحث يكون أكثر أمناً من الخطأ والتخبط في الفهم والتطبيق بقدر رجوعه إلى تلك المصادر الأصيلة، ومداومة الاشتغال بها وإمعان النظر فيها، كما أنه لا يُعد الباحث أو العالم مصدرا أصيلا بمجرد أنه قد ألف كتابا أو كتابين أو كتبا في ذلك العلم أو أنه كان منشغلا به، أو بمجرد كونه إماما في مجال علمي آخر، وإنما يعد فقط مصدرا مساعدا. وهذا كما قال الشاعر:

’’للحرب أقوام لها خلقوا ... وللدواوين كتاب وحساب‘‘.

وقال مسلم في التمييز ص:20: (فإنك يرحمك الله ذكرت أن قبلك قوما ينكرون قول القائل من أهل العلم إذا قال: هذا حديث خطأ وهذا حديث صحيح، وفلان يخطيئ في روايته حديث كذا، والصواب ما روى فلان بخلافه، وذكرت أنهم استعضموا ذلك من قول من قاله ونسبوه إلى اغتياب الصالحين من السلف الماضين وحتى قالوا إن من ادعى تمييز خطأ روايتهم من صوابها متخرص بما لا علم له به ومدع علم غيب لا يوصل إليه.

واعلم وفقنا الله وإياك أن لولا كثرة جملة العوام مستنكري الحق وراميه بالجهاله لما بان فضل عالم على جاهل، ولا تبين علم من جهل، ولكن الجاهل ينكر العلم لتركيب الجهل فيه، وضد العلم هوالجهل، فكل ضد ناف لضده،دافع له لا محالة، فلا يهولنك استنكار الجهال وكثرة الرعاع لما خص به قوم وحرموه، فإن تعداد العلم دائر إلى معدنه، والجهل واقف على أهله.

وجاء في تذكرة الحفاظ 3/ 1031:

’’فكم من إمام في فن مقصر عن غيره، كسيبويه مثلا إمام في النحو ولا يدري ما الحديث ووكيع إمام في الحديث ولا يعرف العربية، وكأبي نواس رأس في الشعر عري من غيره، وعبد الرحمن بن مهدي إمام في الحديث لا يدري ما الطب، وكمحمد بن الحسن رأس في الفقه ولا يدري ما القراءات، وكحفص إمام في القراءة تالف في الحديث، وللحروب رجال يعرفون بها‘‘.

وقول السخاوي في هذا المجال مشهور، وهذا نصه:

’’هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم (يعني نقاد الحديث) في التعديل والتجريح كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعن، فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين‘‘.

’’فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك (إن شاء الله) معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله‘‘.

ومشكلة إخواننا في المجال العلمي هو خلطهم بين المصادر الأصيلة وبين المصادر المساعدة وإحلال بعضها مكان الآخر أو إهمال الأصيل واعتماد المساعد ومبالغتهم فيه.

ولذا نرى بعضهم يعتمدون على عالم من علماء هذا العصر في دراساته وتحقيقاته، ويدمنون نظرهم في تواليفه، وتقليدهم له ومشيهم وراءه، دون الرجوع إلى نقاد الحديث ونصوصهم وتآليفهم، وذلك لفرط حبهم واحترامهم وتقديرهم له نظرا لما يتميز به من العناية الكبيرة بالحديث وعلومه وانشغاله بها تخريجا وتحقيقا، وبروزه في مجال الدعوة إلى العمل بما صح من الأحاديث ومحاربة البدع، بحيث لا يسوغون لأحد أن يعيد النظر فيما قام به هذا العالم الفاضل المحترم من الدراسات والتخريجات، ومن دعا إلى إعادة النظر فيها، أو انتقده في بعض أخطائه فإنه قد عرض نفسه للخطر، حتى وصل غلو بعضهم في التعصب إلى حد أن يزعم أن ذلك الشخص أعلم من الإمام أحمد بن حنبل.

فما هذا الهراء الذي يسيء إلى هذا العالم وسمعته؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير