وهذا يحي بن معين يقول: حضرت نعيم بن حماد بمصر فجعل يقرأ كتابا صنفه فقال: حدثنا ابن المبارك عن عون، وذكر أحاديث، فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك فغضب، وقال: ترد علي، قلت إي والله، أريد زينك، فأبى أن يرجع، فلما رأيته لا يرجع قلت: لا والله ما سمعت هذه من ابن المبارك، لا سمعها هو من ابن عون قط، فغضب وغضب من كان عنده، وقام فدخل، فأخرج صحائف، فجعل يقول _ وهي بيده _ أين الذي يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث؟ نعم يا أبا زكريا غلطت، وإنما روى هذه الأحاديث غير ابن المبارك عن ابن عون.
وكثيرا ما نسمع النقاد يقولون عند نقد الحديث ’’إنما هو كذا وما رواه ليس بصحيح، وهو مقلوب‘‘، وهذا لا يمكن القول به إلا إذا استوعب أحاديث الراوي بإحصاء دقيق، وإلا لا يستطيع الجزم بذلك التعقيب، بل تدور في رأسه شكوك وتساؤلات تعجزه عن الجزم بأن الأمر كذا.
أما نحن فإن كنا لا نفهم قول النقاد ولغتهم العلمية وأسلوب تعليلهم بالتفرد وبالمخالفة فكيف نعلم استقلالا بوجود العلة أو عدمها أو أن الثقة لم يهم ولم يخطئ في الحديث الذي نقله عمن فوقه، ونحن لا ندري ما الذي في الأصول التي يعتمدها النقاد.
وفي الواقع نحن عالة على النقاد القدامى، وعن طريق المتأخرين وقفنا على نصوص هؤلاء النقاد وأعمالهم النقدية، وباحتكاكنا مع هذه النصوص وبقدر انسجامنا معها نستوعب هذا العلم العظيم ونفهم لغة المحدثين ونطبق قواعده كما طبقوها.
ونحن إذ نقوم بتخريج الأحاديث ونحاول معرفة مدار رواياتها فإننا نعتمد في ذلك كله على المراجع المتوفرة اليوم، مطبوعة كانت أو مخطوطة، وكم فاتنا من المصادر التي دونها السابقون؟ وأين مسند الإمام يعقوب بن شيبة الذي لم يكمل منه إلا 30 مجلدا؟
وأين مسند الإمام الماسرجسي الذي يبلغ 1000 جزءا، وكيف نقف على المسانيد الأخرى التي فقدت؟
ونحن إذا قمنا بتخريج حديث بكل ما أوتينا من قوة ثم قمنا بمقارنة ذلك بما أورده الدارقطني في علله تبين لنا بشكل واضح مقدار عجزنا ومدى علمنا، وجزمنا بأننا عالة على الأئمة القدامى. ومع ذلك قد يستدرك الباحث على الناقد بما رواه لاحقه وهما، وهذه مصيبة أخرى، لكن مما يؤسفني أن بعضهم يبرر ذلك بقوله (كم ترك الأول للآخر)، ولله في خلقه شؤون.
ولا بد أن نتذكر جيدا في هذه المناسبة قول الحاكم الحجة عندنا الحفظ والفهم والمعرفة.
وبعد فإني أود أن أذكر القارئ بأني لم أقصد بهذه الدردشة السريعة الشيخ الألباني – رحمه الله - ولا الطعن فيه، وإنما قصدي هو تصحيح الأخطاء حين تقع، وتوضيح المفاهيم حين تختلط، ومعالجة الظاهرة السيئة المتمثلة في التعصب على شخص في حساب جهابذة العلماء، وتبرير المخالفة معهم بحجة كم ترك الأول للآخر.
والشيخ الألباني من علمائنا الأفاضل الذين أسهموا في إحياء هذا العلم العظيم، ومن شيمه الرجوع إلى الحق إذا تبين وتصحيح خطئه إذا اتضح. ولايمكن أن يطعن في رجل منصف يرجع إلى الصواب إن وقف على خطئه. ومن منا لا يخطئ؟، وقوع الخطأ ليس عيبا، وإنما العيب في الإصرار على الخطأ، فرحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عنا خير الجزاء.
وهذا لا يمنعني أن أبين خطأه وتساهله إن وقع، وهذا يمثل حقيقة احترامه بل قمته، وبهذا دون أئمتنا تاريخهم المجيد طوال القرون الماضية، واحترم اللاحق السابق. وبهذا النقد واستدراك اللاحق على السابق يكتمل عمل الأمة وخدمتهم. (والله أعلم).
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي العظيم وأهل كل وصحب كل أجمعين فضيلة الشيخ المليباري لي بعض الاسألة وهي:
س98/ قول بعض الناس ان الامام أحمد رضي الله عنه يحتج بالحديث الضعيف في الاحكام هل هذا صحيح مع العلم ان نص منطوقه يخالف ذلك حين قال اذا روينا في الاحكام شددنا وكذلك تشبيك يديه حين قال اردنا رجالا - أي أثبات ثقات.
¥