(38) قوله:" فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض " هذا كلام معترض داخل الدعاء المأثور، وقُدِم لأهميته، والله أعلم وأحكم.
(39) قال ابن حجر رحمه الله (الفتح 2/ 315): " قوله: كل عبد لله صالح، استدل به على أن الجمع المضاف، والجمع المحلى بالألف واللام يعم " أي يفيد العموم، وهذه من مسائل أصول الفقه.
(40) قوله:" في السماء والأرض " تعددت الرواية في هذه اللفظة:
ففي رواية:" في السماء والأرض "، وفي رواية:" بين السماء والأرض " وفي رواية:" أهل السماء والأرض " والأظهر والله أعلم الرواية الأولى فقد رواها الأكثر.
(41) في الحديث تسمية الشيء بجزئه الأهم، فالتحيات تسمى التشهد؛ لأن أهم ألفاظها لفظ الشهادتين في آخرها، وهذا عائد لمنزلة الشهادتين في الدين.
(42) جاء لفظ الشهادتين في آخرها إشارة إلى أن الأعمال ينبغي أن تختم بالشهادتين، ولهذا من كان آخر كلامه من الدنيا الشهادة دخل الجنة كما ثبت في الأحاديث، فيناسب لفظ الشهادة التأخير.
(43) يدل اقتران الشهادتين على الإخلاص والمتابعة، فلا يقبل العمل إلا إذا كان خالصاً لله، وموافقاً سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو شهادة ألا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله.
(44) دعاء التشهد من أجمع الأدعية حيث جمع عدة أمور عظيمة:
الثناء على الله بما هو أهله، ثم السلام على رسوله، ثم الدعاء لنفسه، ثم الدعاء لإخوانه، ثم الشهادتين، وهذا من أعجب ما فيه مع اختصار ألفاظه.
(45) تعدد صيغ التشهد تدل على أن الإنسان عليه أن يعمل بما عَلِم، من غير تخطئة لغيره إن كان معه دليل، فابن مسعود وابن عباس وأبو موسى رضي الله عنهم أجمعين كلٌ له تشهده الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم، وكلٌ عمل وعلّم ما تعلمه من غير تخطئه لغيره، والاختلاف بين الألفاظ يسير.
(46) تشهد ابن عباس رضي الله عنه بلفظ:" التحيات المباركات الصلوات الطيبات " وكلها بحذف الواو، وهو أسلوب عربي فصيح، لكن إثباتها أكمل كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وهذا أحد المرجحات للفظ ابن مسعود رضي الله عنه.
(47) في تشهد ابن عباس رضي الله عنهما قوله:" التحيات المباركات " يحتمل:
أ ـ أن الواو محذوفة، والتقدير: التحيات لله، والمباركات لله.
ب ـ ويحتمل أن المباركات وصف للتحيات، والتقدير: التحيات المباركات لله، وهو يدل على أن الله يستحق كل تحية مباركة. والأمران محتملان.
(48) في تشهد ابن عباس رضي الله عنهما في رواية له بلفظ: " سلامٌ عليك أيها النبي، سلامٌ علينا وعلى عباد الله " بتنكير لفظ " السلام " وهو يفيد التعظيم، إلا أن إثبات الألف واللام أكمل في المعنى، ولهذا قال ابن حجر رحمه الله (2/ 151) " لم يقع في طرق حديث ابن مسعود حذف اللام، وإنما اختلف في ذلك في حديث ابن عباس ".
(49) انفرد تشهد ابن عباس رضي الله عنه بلفظ " وأشهد أن محمدا رسول الله " والجمع للنبي صلى الله عليه وسلم بين الرسالة والنبوة أكمل من الاقتصار على أحدهما، وهذا أحد المرجحات لحديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(50) في تشهد ابن عمر رضي الله عنهما:" وزدت فيها: وبركاته"، أي بعد قوله: السلام عليك أيها النبي " وزدت: " وحده لا شريك له "، أي بعد شهادة ألا إله إلا الله.
وهذا دليل على أن الصحابة بعضهم يأخذ العلم من بعض؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما لم يزدها من تلقاء نفسه لكن مما سمعه من الصحابة غيره.
(51) في قول ابن عمر رضي الله عنهما: " وزدت فيها " دليل على أمانة الصحابة في نقل الأحاديث، والتفريق بين ما أَخذه من النبي صلى الله عليه وسلم، وما أخذه من غيره، فشاهت أُعين من يعامل الصحابة كغيرهم في مشروع النقل والتوثيق.
(52) وهنا مسألة وهي:
لما كان التشهد هو تحية الصلاة، ولهذا يسمى التحيات، فلِم كان في آخر الصلاة، مع أن التحية موضعها في بداية الأمر؟
¥