تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وتابع ابنَ حجر على هذا جمعٌ من الشراح كملا القاري في المرقاة والآبادي والمباركفوري في شرحيهما، 2 - ثم إنه قد ذكر غيرُ واحد من أئمة الحديث والتاريخ والسير أن المعيقيب كان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم حافظاً له أميناً عليه، فجزم بذلك كبار الأئمة ممن ألَّف في التاريخ والرجال كالبخاري في تاريخه الكبير وابن حبان في الثقات والكلاباذي في رجال البخاري وخليفة بن خياط في تاريخه وابن عساكر في تاريخ دمشق والنووي في تهذيب الأسماء واللغات والذهبي في عامة كتبه كالسير والعبر وتاريخ الإسلام، وجزم بذلك عامَّةُ من ألَّف في الصحابة كأبي نعيم وابن عبد البر وابن الأثير، وجمعٌ ممن ألَّف في السيرة النبوية كابن حزم في جوامع السيرة وابن القيم في زاد المعاد وابن كثير في السيرة النبوية – مع إنكاره لفظ الحديد في حديث المعيقيب كما سيأتي – وغيرهم ممن جاء بعدهم؛ وهؤلاء إنما جزموا بهذا ونصوا عليه من غير تردد إنما هو من الحديث الذي بين أيدينا، نعم؛ قد وقع عند البخاري ومسلم - واللفظ لمسلم - من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: " اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب ثم ألقاه، ثم اتخذ خاتماً من ورِقٍ ونقش فيه محمد رسول الله، وقال: لا يَنْقُشْ أحدٌ على نَقْشِ خاتَمي هذا، وكان إذا لبسه جعل فصَّه مما يلي بطن كفه، وهو الذي سقط من معيقيب في بئر أريس "، ولكن هذا ليس بالصريح في أن معيقيباً رضي الله عنه كان على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي يدل على هذا صراحة هو حديث إياس عن جده.

تنبيه: حديث المعيقيب رضي الله عنه قد ضعفه بعض أهل العلم كالحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله في السيرة النبوية، وإنما اعتمد رحمه الله في تضعيفه على ما أخرجه البخاري ومسلم كلاهما من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه ومن حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة، وهذا ظاهره أن جميع الخاتم من فضة ليس فيه شيء من الحديد، بل جاء في بعض ألفاظ الصحيح من حديث حميد عن أنس رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتَمَهُ من فضَّةٍ وكان فَصُّهُ منه "، ووقع عند أبي داوود: " كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من فضة كلُّهُ فَصُّهُ منه "، فقال ابن كثير رحمه الله: ((وهذه الأحاديث التى أوردناها أنه عليه السلام كان له خاتم من فضة، تردُّ الأحاديث التى قدمناها في سنني أبى داود والنسائي من طريق أبى عتاب سهل بن حماد الدلال، عن أبى مكين نوح بن ربيعة، عن إياس بن الحارث بن معيقيب بن أبى فاطمة، عن جده قال: " كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من حديد ملوِيٌّ عليه فضة "، ومما يزيده ضعفاً الحديث الذى رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبى طيبة عبدالله بن مسلم السُّلَمِي المروزى، عن عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه، أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبَه فقال: مالي أجد منك ريح الأصنام؟ فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال: مالي أرى عليك حلية أهل النار؟ فطرحه، ثم قال: يا رسول الله من أي شيءٍ أتخذه؟ قال: اتخذه من وَرِقٍ، ولا تتمَّه مثقالاً)) ا. هـ كلام الحافظ ابن كثير وهو كلام ظاهر وفيه قوة؛ خاصة إن علمنا أن إياس أحسن أحواله أن نقول هو معروف العدالة، وأما الضبط فليس له إلا حديث يسير جداً، فلا يُعرَفُ ضبطه.

ولكن هنا وقفات مع كلام الحافظ ابن كثير، إذ هو متعقَّبٌ من غير ما وجه:

الوجه الأول: أنه ثبت في صحيح السنة الاختلاف في فصِّ خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء عند البخاري من طريق حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضةٍ وفصُّهُ منه، فهذا يُبيِّنُ أن الفصَّ كان من فضة أيضاً، ووقع عند مسلم من طريق ابن شهاب الزهري عن أنسٍ رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتمَ فضة في يمينه فيه فص حبشي، كان يجعل فَصَّهُ ممَّا يلي كفَّه "، والحديثان رواهما أبو داوود والترمذي أيضاً وحكم على كل واحد منهما بقوله: " حسن صحيح غريب من هذا الوجه "، وقال النسائي في الكبرى: "ذكر الاختلاف على أنس في فص خاتم النبي صلى الله عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير