? أحاديث النهي عن التختم بالحديد هي أحاديث ضعيفة منكرة لا يصح منها شيء، على ما اختاره البخاري وابن عبد البر والنووي وابن رجب والشيخ ابن باز رحم الله الجميع، وغاية ما يصحُّ في هذا الباب مما يصلح لأن يُحتَجَّ به هو الأثر عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأصح الألفاظ عنه في النهي هو لفظ ابن أبي شيبة من طريق حكيم بن جابر الأحمسي الكوفي، وفيه: " أن عمر رأى على رجل خاتم حديد فكرهه ".
? أحاديث الجواز صحَّ منها حديث سهل بن سعد رضي الله عنه وهو متفق عليه وكفى به جلالة؛ وهو حديث ظاهر الدلالة على جواز التختم بالحديد كما تقدم، وصحَّ أيضاً حديث المعيقيب رضي الله عنه فهو سند جيد وله شاهد عن مكحول مرسلاً وشاهدٌ عن خالد بن سعيد الأموي رضي الله عنه عند ابن سعد في الطبقات، وصحَّ أيضاً أثرُ ابنِ مسعود رضي الله عنه وقد جزم به عنه الإمام أحمد كما تقدم في سؤال الأثرم.
? خاتم الحديد هو أردأ وأدنى التحلِّي عند النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، ولذا جاء حديث سهل: " التمس ولو خاتماً من حديد "، فهذا مبالغة في تقليل المهر والقناعة بالحقير اليسير، ولذا أصح ما يقال في توجيه قوله صلى الله عليه وسلم: " حلية أهل النار " – لو صحَّ - وأثر الفاروق عمر رضي الله عنه أنَّ كراهة هذا الخاتم لرائحته ونتنه، وهذا ما فهمه ابن سيرين عنه رحمه الله إذ هو أحد من روى الكراهة عن الفاروق عمر رضي الله عنه، ثم قال ابن سيرين في موضع آخر: (لا بأس – أي بخاتم الحديد - إلا أن يكره ريحه)، وبهذا نعلم أن القول بكراهة التنزيه قول قويٌّ له حظ من الأثر والنظر، فالحديد يصدأ وله نتن ورائحة كريهة ويؤذي الجلد ويترك آثاراً على الجسم خاصة مع الحرّ وكأنها تعذيب للبدن، وهو حلية للكفار في نار جهنم يُكْسَوْنَ الحديد في مختلف أجزاء البدن فيعذِّبهم الله به يوم القيامة إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون؛ فيُكره لبس الحديد والتحلي به لهذه المعاني كلها.
? مع القول بقوة كراهة التنزيه في التحلي بالحديد؛ إلا أن هذه الكراهة كما قال الإمام البيهقي تزول بأن يخلط الحديد مع غيره بحيث لا يكون الحلي حديداً صرفاً، ويدل على هذا الأثر والنظر، فمن الأثر: حديث المعيقيب رضي الله عنه، ومن النظر: أنه من المعلوم أن الحديد إن طُلِيَ بموادَّ عازلة أو خُلِطَ بغيرِه من المعادن كالألمنيوم والنيكل فإنَّ نَتَنَهُ يُؤْمَنُ ولا تكون له رائحة أو صدأ أو سخونة على الجسد، وبهذا يتبين لنا أن ما يستعمل من الحديد في بعض الحليّ كالإكسسوارات والساعات ومن باب أولى النظارات وغيرها مما ليست من الحلي كل هذا من الجائز المباح الذي لا شبهة فيه ولا كراهة.
? كل ما قيل في الحديد فهو يقال أيضاً في النحاس والرصاص، على أن النحاس والرصاص أخفُّ حكماً من الحديد، إذ لم يرد فيهما شيء يصحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنه، وغاية ما ورد إنما هو حديث بريدة رضي الله عنه في النحاس الأصفر ولا يصح، فاستخدام النحاس والرصاص وغيرهما في التحلي جائز من باب أولى.
هذا آخر ما أحببت كتابه في هذا البحث وأسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في عامة مباحثه، وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل. والحمد لله رب العالمين
كتبه: أبو عبد الله عمر صبحي حسن قاسم
وكان الفراغ منه في: 3 / رمضان / 1429 هـ
الموافق: 3/ 9 / 2008م
ـ[باحثة]ــــــــ[22 - 06 - 09, 02:12 ص]ـ
شيخنا بارك الله فيكم وفي مسعاكم
استفدت كثيرا مما كتبت
ولكن عندي اشكال هو انك قلت في عبدالله بن مسلم السلمي لا يحتمل تفرده
قال ابو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ ويخالف، وقال الذهبي: وقواه غيره. -أي أبو حاتم -.
، قال ابن حجر: صدوق يهم.
وذكرت ان الذهبي قال: صالح الحديث.
فكون ابن حبان ذكره في الثقات والذهبي قال صالح وابن حجر قال صدوق
أليس الذي لا يحتمل تفرده يكون ضعيفا؟
ثم إن للحديث شاهد ذكرتموه وهو من حديث عمرو بن شعيب عن أبي عن جده: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يده خاتم من ذهب، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فلما رأى الرجل كراهيته، ذهب فألقى الخاتم، وأخذ خاتما من حديد،فلبسه، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «هذا شر، هذا حلية أهل النار». فرجع فطرحه ولبس خاتما من ورق، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد في مسنده [11/ 264،68]، البخاري في الأدب المفرد (1021)
وقد حسن جمع من العلماء هذه السلسلة فإن لم تصلح للاحتجاج بمفردها تقوت بما سبق ..
وفقكم الله
عندي بحث في تخريج هذا الحديث وقد اشكل علي كثيرا تعارض الأحاديث
وكنت اظن ان حديث التمس ولو خاتما من حديث لا يعارض ما ذكر
لأنه مهر للمرأة وللنساء لبس خاتم الذهب وخاتم الفضة وكذا الحديد
وكما حرم على الرجال خاتم الذهب فكذا الحديد
انا لا اجزم بشيء ولكني استشكلت ولم اعرف كيف اجمع بينها، أفيدونا افادكم الله
¥