وقد اقتصر بعض العلماء على لفظ ((التقاسيم والأنواع)) كالأمير
علاء الدين مرتّبه ومبوّبه، والذهبي، والهيثمي، والسيوطي (انظر: مقدمة الإحسان في تقريب ابن حبان 1/ 172، وسير أعلام النبلاء 16/ 94، وموارد الظمأن: 29، وتدريب الراوي 1/ 109).
وهذا الكتاب قام بترتيبه الأمير علاء الدين الفارسي الذي رتبه على الكتب والأبواب، وأسماه " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان " وقد قام بتحقيقه الشيخ شعيب الأرناؤوط، وطبع سنة 1418ه - 1987م، ويحتوي على ثمانية عشر مجلداً، والسابع عشر والثامن عشر منها فهارس لأطراف الأحاديث والآثار والرواة والموضوعات.
سبب تأليف هذا الكتاب يذكره ابن حبان في مقدمة كتابه إذ يقول: ((وإنيّ لما رأيت الأخبار طُرُقُها كثرت، ومعرفة الناس بالصحيح منها قلت؛ لاشتغالهم بكتبة الموضوعات وحفظ الخطأ والمقلوبات، حتى صار الخبر الصحيح مهجوراً لا يكتب، والمنكر المقلوب عزيزاً يستغرب، وأن من جمع السنن من الأئمة المرضيين، وتكلّم عليها من أهل الفقه والدين، أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار، وأكثروا من تكرار المُعاد للآثار، قصداً منهم لتحصيل الألفاظ، على من رام حفظها من
الحفاظ، فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب، وترك المقتبس التحصيل للخطاب.
فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين، وأمعنتُ الفكر فيها لئلا يصعب وعُيها على المقتبسين)) (مقدمة الإحسان 1/ 102).
2 - شرط ابن حبان في كتابه ومنزلته:
لقد ذكر ابن حبان رحمه الله شرطه في كتابه " التقاسيم والأنواع " في مقدمة الكتاب فقال: ((وأما شرطنا في نقله ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنّا لم نحتجّ فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع: العلمُ بما يُحيل من معاني ما يروي.
والخامس: المتعرِّي خبره عن التدليس.
فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرَّى عن خصلة من هذه الخصال الخمس، لم نحتجّ
به)) (مقدمة الإحسان 1/ 151).
وقد عدّ العلماء صحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان ولم يشذ منهم سوى الشيخ شعيب الأرناؤوط وفيما يأتي أعرض أقوالهم بالتفصيل:
قال السيوطي: ((صحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه، حتى إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام)) (تدريب الراوي 1/ 109).
وقال أيضاً: ((إنَّ أصحهم صحيحاً ابن خزيمة، ثمّ ابن حبان، ثم الحاكم فينبغي أن يقال: أصحها بعد مسلم ما اتفق عليه الثلاثة، ثمّ ابن خزيمة وابن حبان، أو الحاكم، ثمّ ابن حبان والحاكم ثمّ ابن خزيمة فقط، ثمّ ابن حبان، ثم الحاكم
فقط، إن لم يكن الحديث على شرط أحد الشيخين، ولم أر من تعرض
لذلك)) (البحر الذي زخر 2/ 661 – 662).
وقال الحازمي: ((وصحيح ابن خزيمة أعلى رتبة من صحيح ابن حبان؛ لشدة تحريه فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان فالحاكم)) (فيض القدير 1/ 35).
وقال إبراهيم دسوقي الشهاوي صاحب كتاب " مصطلح الحديث ": ((اتفقوا على أن صحيح ابن خزيمة أصح من صحيح ابن حبان، وصحيح ابن حبان أصح من مستدرك الحاكم؛ لتفاوتهم في الاحتياط)) (مصطلح الحديث: 17).
وقد أشار إلى ذلك العلاّمة محمد بن جعفر الكتاني صاحب كتاب " الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة "، إذ قال: ((وقد قيل إن أصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين، ابن خزيمة فابن حبان)) (الرسالة المستطرفة: 21).
وتابعه في ذلك الدكتور محمد أديب صالح في كتابه " لمحات في أصول الحديث "، فقال: ((والذي قيل فيه - أي صحيح ابن خزيمة - إنّه أصح ما صنف في الصحيح بعد الصحيحين)) (لمحات في أصول الحديث: 155).
وقال العلاّمة أحمد شاكر رحمه الله: ((وقد رتب علماء هذا الفن ونقاده هذه الكتب الثلاثة التي التزم مؤلفوها رواية الصحيح من الحديث وحده، أعني الصحيح المجرد بعد الصحيحين: البخاري ومسلم، على الترتيب الأتي:
¥