تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد تكلم أهل العلم في هذا الحديث، فقال الترمذيُّ عقب (269): ((حديث أبي هريرة حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه))، وقال ابن المنذر في " الأوسط " 3/ 167 عقب (1432): ((وقد زعم بعض أصحابنا أنَّ وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ))، وقال ابن العربيِّ في " عارضة الأحوذي " 2/ 61: ((ضعيف))، وقال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " 22/ 262: ((وقيل: إنَّه منسوخ))، وقال ابن القيم في حاشيته مع " تهذيب سنن أبي داود " 1/ 293: (( .. إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالجَمَل في بروكه، والجمل إذا برك إنَّما يبدأ بيديه قبل ركبتيه. وهذا موافق لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالحيوانات في الصلاة، فنهى عن التشبه بالغراب في النقر، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب، ورفع الأيدي في السلام كأذنابِ الخيل وبروك كبروك البعير)). (ساق ابن القيم هذا المعنى من مجموع عدد من الأحاديث، وانظر في ذلك " بلوغ المرام " باب صفة الصلاة).

وقال رحمه الله في " زاد المعاد " 1/ 216 - 219: ((فالحديث والله أعلم قد وقع فيه وهم من بعض الرواة، فإنَّ أوله يخالف آخره، فإنَّه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإنَّ البعير إنَّما يضع يديه أولاً، ولما علم أصحاب هذا القول ذلك، قالوا: ركبتا البعير في يديه لا في رجليه، فهو إذا برك وضع ركبتيه أولاً فهذا هو المنهيُّ عنه وهو فاسد لوجوه: أحدها:

أنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أولاً وتبقى رجلاه قائمتين، فإذا نهض فإنَّه ينهض برجليه أولاً وتبقى يداه على الأرض، وهذا هو الذي نَهَى عنه صلى الله عليه وسلم وفعل خلافه. وكان أول ما يقع منه على الأرض الأقرب منها فالأقرب وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى. وكان يضع ركبتيه أولاً ثم يديه ثم جبهته وإذا رفع، رفع رأسه أولاً ثُمَّ يديه ثم ركبتيه وهذا عكس فعل البعير ... وذكر نحو كلامه في حاشيته على "سنن أبي داود ".

الثاني: أنَّ قولهم: ركبتا البعير في يديه، كلام لا يعقل ولا يعرفه أهل اللغة، وإنَّما الركبة في الرِّجلينِ، وإنْ أطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب.

الثالث: أنَّه لو كان كما قالوه، لقال: فليبركْ كما يبركُ البعيرُ وأنَّ أول ما يمسُ الأرض من البعير يداه، وسِرُّ المسألة أنَّ من تأمل بروك البعير، وعلم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بروك كبروك البعير، علم أنَّ حديث وائل بن حُجر هو الصواب، والله أعلم، وكان يقع لي أنَّ حديث أبي هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنُه وأصلُه، ولعله: ((وليضع ركبتيه قبل يديه)) ... .

وقال ابن حجر في " فتح الباري " 2/ 376 عقب ذكره حديث أبي هريرة: ((ولكن إسناده ضعيف))، وقال في " بلوغ المرام " عقب (310): ((وهو أقوى من حديث وائل: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدَ وضعَ ركبتيهِ قبلَ يديه. أخرجه الأربعة، فإنَّ للأول شاهداً من حديث ابن عمر رضي الله عنه صححه ابن خزيمة، وذكره البخاريُّ معلّقاً موقوفاً))، وقد تعقّبه الصنعاني في " سبل السلام " عقب (293) فقال: ((وقول المصنف: إنَّ لحديث أبي هريرة شاهداً يقوَى به معارض فإنَّ لحديث وائل أيضاً شاهداً قد قدمناه)).

قلت: والذين قالوا بوضع الركبتين قبل اليدين أكثر وأتقن من مخالفيهم، فقد قال ابن المنذر في " الأوسط " 3/ 166 عقب (1431): ((وبه قال – يعني: بوضع الركبتين – النَّخعيُّ، ومسلم بن يسار، وسفيان الثوري، والشافعيُّ، وأحمد بن حَنْبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقالت طائفة: يضع يديه إلى الأرض إذا سجد قبل ركبته، كذلك قال مالك، وقال الأوزاعيُّ: أدركتُ الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم))، وقال الخَطّابي في " معالم السنن " 1/ 179 - 180: ((واختلف الناس في هذا فذهب أكثر العلماء إلى وضع الركبتين قبل اليدين وهذا أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل وفي رأي العين))، وقال الطحاوي في " شرح المعاني " عقب (1489): ((فنظرنا كيف حكم ما اتفق عليه منها ليعلم به كيف حكم ما اختلفوا فيه منها – يعني الآثار- فرأينا الرجل إذا سجد يبدأ بوضع أحد هذين إما ركبتاه، وإما يداه،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير