[سفيان بن عيينة والاختلاط]
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[22 - 10 - 08, 12:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
إخوتي الأكارم، ومشايخي الأفاضل في هذا الملتقي الحبيب00السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00أسال الله لي ولكم دواد التوفيق والسداد في القول والعمل00
إخوتي الأكارم00هذا بحث متواصع، كتبته للدفاع عن إمام كبير من أئمة السنة والحديث ألا وهو الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله، فقد وقفت على كلام للباحث عبد الله علي أحمد الغامدي حفظه الله تعالى، يتوقف فيه عن تصحيح أثر - هو صحيح لا شك في صحته كما سنرى ذلك إن شاء الله - من روايته - أي من رواية ابن عيينة - بحجة أنَّه اختلط ولم يتبين له أنَّ الراوي عنه قد رواه قبل الاختلاط أم بعده0
وإليكم أخوتي نصَّ كلامه، ثم ما كتبته في التعليق عليه0
قال الباحث المذكور حفظه الله تعالى، في تعليقه على أثر عكرمة في سبب نزول قوله تعالى: [وتزدودا فإنَّ خير الزاد التقوى] 0كان أناس يحجون ولا يتزودون، فأنزل الله: [وتزدوا فإنَّ خير الزاد التقوى] 0
قال الباحث المذكور - في تخريج تفسير ابن أبي حاتم، حيث خرج الجزء الثاني من تفسير سورة البقرة إلى نهاية السورة من هذا التفسير، وهذا التخريج هو عبارة عن رسالة علمية لنيل شاهدة الدكتوراه من جامعة أم القرى بمكة المكرمة – ما نصه: (ص509) 0" هذا الإسناد رجاله ثقات، لكن ابن عيينة تغير، ولم يتبين لي هل رواية محمد بن عبد الله – وهو الراوي عنه عند ابن أبي حاتم – قبل الإختلاط أم بعده00؟؟ "0
قلت: والرد على كلام الباحث هنا ذو شقين، الأول إثبات صحة هذا الأثر بعينه، ثمَّ الشق الثاني: وهو إثبات عدم صحة اختلاط ابن عيينة 0
أمَّا الجواب عن الشق الأول فيمكن تخليصه بما يلي:
1 – أمَّا دعوى التوقف عن تصحيح هذا الأثر بحجة، أنّنا لا ندري متى روى محمد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان بن عيينة، أكان ذلك قبل الإختلاط أم بعده، فدعوى مردودة، ذلك لأنَّه لم ينفرد في رواية هذا الأثر عن ابن عيينة، بل رواه عنه أئمة كبار من أئمة العلم والحفظ، نذكر منهم:
أ – عبد الرزاق بن همام الصنعاني رحمه الله، كما في تفسيره: (1/ 77) 0
ب – وكيع بن الجراح، كما عند ابن أبي شيبة في مصنفه: (4/ 325) 0
ج – سعيد بن منصور بن شعبة، كما في سننه: (رقم347) 0
د – عمرو علي بن بحر الفلاس، كما عند الطبري في تفسيره: (4/ 157) 0
ه – عمرو بن عبد الحميد الآملي، كما عند الطبري في تفسيره: (4/ 161) 0لم يقف على ترجمته الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله0
فجميع هؤلاء، قد تابعوا محمد بن عبد الله بن يزيد في روايته عن سفيان بن عيينة، وبعضهم قد روى هذا الأثر عنه قبل أن يختلط على اليقين، وهو وكيع بن الجراح0
وقد اختلف أهل العلم في سنة وفاة وكيع بن الجراح، فقد ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنَّه مات سنة196: (انظر تهذيب الكمال للحافظ المزي30/ 484) 0 في حين كان موت بن عيينة على الصحيح - كما سنرى - سنة197، فهذا يعني أن وكيع مات قبل اختلاط ابن عيينة بسنة0
في حين ذهب الإمام علي بن المديني رحمه الله محمد بن سعد وغيرهم إلى أنَّ وفاة وكيع سنة197، وهو في طريق رجوعه من الحج هذه السنة، في حين كانت وفاة ابن عيينة - على الصحيح أول شهر رجب سنة197، أي قبل قدوم الحجاج بأربعة أشهر ولم يسمع منه أحد في هذه، كما قال الحافظ الذهبي في الميزان: (2/ 171) 0 فهذا يعني أنَّه مات قبل قدوم وكيع إليه، كما هو واضح، وبالتالي نستطيع أن نجزم بأن وكيع سمع هذا الأثر من ابن عيينة قبل اختلاطه0
2– أنَّ الإمام البخاري رحمه الله – وهو من هو – قد أخرج هذا الأثر في صحيحه معلقاً بصيغ الجزم، فقال: (3/ 384الفتح) 0" ورواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلاً "0وهذا يدل دلالة واضحة على صحة هذا الأثر عند الإمام البخاري رحمه الله0
3 – كما إنَّه صحَّ عند ابن أبي حاتم أيضاً، بل ولم يكتفِ رحمه الله، بأنَّ صححه فحسب، بل قدَّمه على الموصول الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبَّاس، فقال:"وما يرويه ابن عيينة أصح "0انظر تفسير ابن أبي حاتم: (1/ 310) 0
قلت: فإذا صحَّ عند هذين العلمين – البخاري وابن أبي حاتم – أمن اللائق أن نضعفه نحن00؟؟ 0
¥